وأنه بعد موته بزمان افتتحه المسلمون في الوقت الذي عينه أبو الحكم. وكان أبو جعفر يعتقد في أبي الحكم هذا ، أنه كان يطلع على أشياء من المغيبات يستخرجها من كتاب الله.
(لِلَّهِ الْأَمْرُ) : أي إنفاذ الأحكام وتصريفها على ما يريد. وقرأ الجمهور : (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ، بضمهما : أي من قبل غلبة الروم ومن بعدها. ولما كانا مضافين إلى معرفة ، وحذفت بنيا على الضم ، والكلام على ذلك مذكور في علم النحو. وقرأ أبو السماك ، والجحدري ، وعون العقيلي : من قبل ومن بعد ، بالكسر والتنوين فيهما. قال الزمخشري : على الجر من غير تقدير مضاف إليه واقتطاعه ، كأنه قيل : قبلا وبعدا ، بمعنى أولا وآخرا. انتهى. وقال ابن عطية : ومن العرب من يقول : من قبل ومن بعد ، بالخفض والتنوين. قال الفراء : ويجوز ترك التنوين ، فيبقى كما هو في الإضافة ، وإن حذف المضاف. انتهى. وأنكر النحاس ما قاله الفراء ورده ، وقال للفراء في كتابه (في القرآن) أشياء كثيرة من الغلط ، منها : أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد ، وإنما يجوز من قبل ومن بعد على أنهما نكرتان ، والمعنى : من متقدم ومن متأخر. وحكى الكسائي عن بعض بني أسد : لله الأمر من قبل ومن بعد الأول مخفوض منوّن ، والثاني مضموم بلا تنوين. والظاهر أن يومئذ ظرف (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) ، وعلى هذا المعنى فسره المفسرون.
وقيل : (وَيَوْمَئِذٍ) عطف على : (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ، كأنه حصر الأزمنة الثلاثة : الماضي والمستقبل والحال ، ثم ابتدأ الإخبار بفرح المؤمنين بالنصر. و (بِنَصْرِ اللهِ) : أي الروم على فارس ، أو المسلمين على عدوهم ، أو في أن صدق ما قال الرسول من أن الروم ستغلب فارس ، أو في أن يسلط بعض الظالمين على بعض ، حتى تفانوا وتناكصوا ، احتمالات. وفي الحديث : «فارس نطحة أو نطحتان ، ثم لا فارس بعدها أبدا ، والروم ذات القرون ، كلما ذهب قرن خلف قرن إلى آخر الأبد».
وقال ابن عباس : يوم بدر كانت هزيمة عبدة الأوثان وعبدة النيران ، وقال معناه أبو سعيد الخدري ، وقيل : ورد الخبر يوم الحديبية بوفاة كسرى ، فسر المسلمون بحرب المشركين ، ولموت عدو لهم في الأرض متمكن. وهو (الْعَزِيزُ) بانتقامه من أعدائه ، (الرَّحِيمُ) لأوليائه. وانتصب (وَعْدَ اللهِ) على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي تقدمت ، وهو قوله : (سَيَغْلِبُونَ) ، وقوله : (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ). (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) الكفار من قريش وغيرهم ، (لا يَعْلَمُونَ) : نفى عنهم العلم النافع للآخرة ، وقد أثبت لهم