وإبراهيم أو إرادة خير بالكتابة قاله سعيد بن جبير. وقال الشافعي : الأمانة والقوة على الكسب والذي يظهر من الاستعمال أنه الدين يقول : فلان فيه خير فلا يتبادر إلى الذهن إلّا الصلاح ، والأمر بالكتابة مقيد بهذا الشرط ، فلو لم يعلم فيه خيرا لم تكن الكتابة مطلوبة بقوله (فَكاتِبُوهُمْ) والظاهر في (وَآتُوهُمْ) أنه أمر للمكاتبين وكذا قال المفسرون وجمهور العلماء ، واختلفوا هل هو على الوجوب أو على الندب؟ واستحسن ابن مسعود والحسن أن يكون ثلث الكتابة وعلى ربعها ، وقتادة عشرها. وقال عمر : من أول نجومه مبادرة إلى الخير. وقال مالك : من آخر نجم. وقال بريدة والحسن والنخعي وعكرمة والكلبي والمقاتلان : أمر الناس جميعا بمواساة المكاتب وإعانته. وقال زيد بن أسلم : الخطاب لولاة الأمور أن يعطوا المكاتبين من مال الصدقة حقهم وهو الذي تضمنه قوله (وَفِي الرِّقابِ).
وقال صاحب النظم : لو كان المراد بالإيتاء الحط لوجب أن تكون العبارة العربية ضعوا عنهم أو قاصوهم ، فلما قال (وَآتُوهُمْ) دل على أنه من الزكاة إذ هي مناولة وإعطاء ، ويؤكده أنه أمر بإعطاء وما أطلق عليه الإعطاء كان سبيله الصدقة. وقوله (مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) هو ما ثبت ملكه للمالك أمر بإخراج بعضه ، ومال الكتابة ليس بدين صحيح لأنه على عبده ، والمولى لا يثبت له على عبده دين صحيح ، وأيضا ما آتاه الله هو الذي يحصل في يده ويملكه وما يسقطه عقيب العقد لا يحصل له عليه ملك فلا يستحق الصفة بأنه من مال الله الذي آتاه.
(وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) في صحيح مسلم عن جابر إن جارية لعبد الله بن أبيّ يقال لها مسيكة وأخرى يقال لها أميمة كان يكرههما على الزنا ، فشكيا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت. وقيل : كانت له ست معاذة ومسيكة وأميمة وعمرة وأروى وقتيلة جاءته إحداهن ذات يوم بدينار وأخرى ببرد ، فقال لهما ارجعا فازنيا ، فقالتا : والله لا نفعل ذلك وقد جاءنا الله بالإسلام وحرم الزنا ، فأتتا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشكتا فنزلت والفتاة المملوكة وهذا خطاب للجميع ، ويؤكد أن يكون (وَآتُوهُمْ) خطابا للجميع والنهي عن الإكراه على الزنا مشروط بإرادة التعفف منهن ، لأنه لا يمكن الإكراه إلّا مع إرادة التحصن ، أما إذا كانت مريدة للزنا فإنه لا يتصور الإكراه. وكلمه (إِنْ) وإيثارها على إذا إيذان بأن المسافحات كن يفعلن ذلك برغبة وطواعية منهن ، وأن ما وجد من معاذة ومسيكة من خبر الشاذ النادر. وقد