الجمهور ، واو الحال ؛ والبحر مبتدأ ، و (يَمُدُّهُ) الخبر ، أي حال كون البحر ممدودا. وقال الزمخشري : عطفا على محل إن ومعمولها على ولو ، ثبت كون الأشجار أقلاما ، وثبت أن البحر ممدودا بسبعة أبحر. انتهى. وهذا لا يتم إلا على رأي المبرد ، حيث زعم أن (أَنَ) في موضع رفع على الفاعلية. وقال بعض النحويين : هو عطف على أن ، لأنها في موضع رفع بالإبتداء ، وهو لا يتم إلا على رأي من يقول : إن أن بعد لو في موضع رفع على الابتداء ، ولو لا يليها المبتدأ اسما صريحا إلا في ضرورة شعر ، نحو قوله :
لو بغير الماء حلقي شرق |
|
كنت كالغصان بالماء اعتصاري |
فإذا عطفت والبحر على أن ومعموليها ، وهما رفع بالابتداء ، لزم من ذلك أن لو يليها الاسم مبتدأ ، إذ يصير التقدير : ولو البحر ، وذلك لا يجوز إلا في الضرورة ، إلا أنه قد يقال : إنه يجوز في المعطوف عليه نحو : رب رجل وأخيه يقولان ذلك. وقرأ عبد الله : وبحر يمده ، بالتنكير بالرفع ، والواو للحال ، أو للعطف على ما تقدم ؛ وإن كانت الواو واو الحال ، كان بحر ، وهو نكرة ، مبتدأ ، وذكروا في مسوغات الابتداء بالنكرة أن تكون واو الحال تقدمته ، نحو قوله :
سرينا ونجم قد أضاء فقد بدا |
|
محياك أخفى ضوؤه كل شارق |
وقرأ الجمهور : (يَمُدُّهُ) بالياء ، من مد ؛ وابن مسعود ، وابن عباس : بتاء التأنيث ، من مد أيضا ؛ وعبد الله أيضا ، والحسن ، وابن مطرف ، وابن هرمز : بالياء من تحت ، من أمد ؛ وجعفر بن محمد : والبحر مداده ، أي يكتب به من السواد. وقال ابن عطية : هو مصدر. انتهى. (مِنْ بَعْدِهِ) : أي من بعد نفاد ما فيه ، (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) : لا يراد به الاقتصار على هذا العدد ، بل جيء به للكثرة ، كقوله : المؤمن يأكل في معي واحد ، والكافر في سبعة أمعاء ، لا يراد به العدد ، بل ذلك إشارة إلى القلة والكثرة. ولما كان لفظ سبعة ليس موضوعا في الأصل للتكثير ، وإن كان مرادا به التكثير ، جاء مميزه بلفظ القلة ، وهو أبحر ، ولم يقل بحور ، وإن كان لا يراد به أيضا إلا التكثير ، ليناسب بين اللفظين. فكما يجوز في سبعة ، واستعمل للتكثير ، كذلك يجوز في أبحر ، واستعمل للتكثير. وفي الكلام جملة محذوفة يدل عليها المعنى ، وكتب بها الكتاب كلمات الله.
(ما نَفِدَتْ) ، والمعنى : ولو أن أشجار الأرض أقلام ، والبحر ممدود بسبعة أبحر ، وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله ، (ما نَفِدَتْ) ، ونفدت الأقلام والمداد