يَوْمٍ) من أيام الدنيا ، (مِقْدارُهُ) : أن لو سير فيه السير المعروف من البشر (أَلْفَ سَنَةٍ) ، لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام. وقال مجاهد أيضا : الضمير في مقداره عائد على التدبير ، أي كان مقدار التدبير المنقضي في يوم ألف سنة لو دبره البشر. وقال مجاهد أيضا : يدبر ويلقي إلى الملائكة أمور ألف سنة من عندنا ، وهو اليوم عنده ، فإذا فرغت ألقى إليهم مثلها. فالمعنى : أن الأمور تنفذ عنه لهذه المدة وتصير إليه آخرا ، لأن عاقبة الأمور إليه. وقيل : المعنى يدبره في الدنيا إلى أن تقوم الساعة ، فينزل القضاء والقدر ، ثم تعرج إليه يوم القيامة ، ومقداره ما ذكر ليحكم فيه من ذلك اليوم ، حيث ينقطع أمر الأمراء ، أو أحكام الحكام ، وينفرد بالأمر كل يوم من أيام الآخرة بألف سنة ، وهو على الكفار قدر خمسين ألف سنة حسبما في سورة سأل سائل ، وتأتي الأقوال فيه إن شاء الله تعالى. وقيل : ينزل الوحي مع جبريل من السماء إلى الأرض ، ثم يرجع إلى ما كان من قبول الوحي أو ربه مع جبريل ، وذلك في وقت هو في الحقيقة ألف سنة ، لأن المسافة مسيرة ألف سنة في الهبوط والصعود ، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وهو يوم من أيامكم لسرعة جبريل ، لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد. قال الزمخشري : وبداية الأمر المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ، ينزله مدبرا من السماء إلى الأرض ، ثم لا يعمل به ، ولا يصعد إليه ذلك المأمور به خالصا كما يريده ويرتضيه ، إلا في مدة متطاولة ، لقلة الأعمال لله والخلوص من عباده ، وقلة الأعمال الصاعدة ، لأنه لا يوصف بالصعود إلا الخالص ، ودل عليه قوله على أثره : (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ). انتهى.
وقيل : يدبر أمر الشمس في طلوعها من المشرق وغروبها في المغرب ، ومدارها في العالم من السماء إلى الأرض ، لأنها على أهل الأرض تطلع إلى أن تغرب ، وترجع إلى موضعها من الطلوع في يوم مقداره في المسافة ألف سنة. والضمير في (إِلَيْهِ) عائد إلى السماء ، لأنها تذكر ؛ وقيل : إلى الله. وقال عبد الله بن سابط : يدبر أمر الدنيا أربعة : جبريل للرياح والجنود ، وميكائيل للقطر والماء ، وملك الموت لقبض الأرواح ، وإسرافيل لنزول الأمر عليهم. وقيل : العرش موضع التدبير ، وما دونه موضع التفصيل ، وما دون السموات موضع التعريف. وقال السدي : الأمر : الوحي. وقال مقاتل : القضاء. وقال غيرهما : أمر الدنيا. قال الزجاج : تقول عرجت في السلم أعرج ، وعرج الرجل يعرج إذا صار أعرج. وقرأ ابن أبي عبلة : (يَعْرُجُ) مبنيا للمفعول ؛ والجمهور : مبنيا للفاعل. قال أبو عبد الله الرازي : وفي هذا لطيفة ، وهو أن الله ذكر في الآية المتقدمة عالم الأجسام والخلق ، وأشار