السلام : هؤلاء بناتي ، إنه أراد المؤمنات ، أي بناته في الدين ؛ ولذلك جاء : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (١) ، أي في الدين. وعنه عليهالسلام : «ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة. واقرأوا إن شئتم : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) ، فأيما مؤمن هلك وترك مالا ، فليرثه عصبته من كانوا ؛ وإن ترك دينا أو ضياعا فإلي». قيل : وأطلق في قوله تعالى : (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ) : أي في كل شيء ، ولم يقيد. فيجب أن يكون أحب إليهم من أنفسهم ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، وحقوقه آثر ، إلى غير ذلك مما يجب عليهم في حقه. انتهى. ولو أريد هذا المعنى ، لكان التركيب : المؤمنون أولى بالنبي منهم بأنفسهم. (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) : أي مثل أمهاتهم في التوقير والاحترام. وفي بعض الأحكام : من تحريم نكاحهن ، وغير ذلك مما جرين فيه مجرى الأجانب. وظاهر قوله : (وَأَزْواجُهُ) : كل من أطلق عليها أنها زوجة له ، عليهالسلام ، من طلقها ومن لم يطلقها. وقيل : لا يثبت هذا الحكم لمطلقة. وقيل : من دخل بها ثبتت حرمتها قطعا. وهمّ عمر برجم امرأة فارقها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونكحت بعده ، فقالت له : ولم هذا ، وما ضرب علي حجابا ، ولا سميت للمسلمين أما؟ فكف عنها. كان أولا بالمدينة ، توارث بأخوة الإسلام وبالهجرة ، ثم حكم تعالى بأن أولي الأرحام أحق بالتوارث من الأخ في الإسلام ، أو بالهجرة في كتاب الله ، أي في اللوح المحفوظ ، أو في القرآن من المؤمنين والمهاجرين ، أي أولى من المؤمنين الذين كانوا يتوارثون بمجرد الإيمان ، ومن المهاجرين الذين كانوا يتوارثون بالهجرة. وهذا هو الظاهر ، فيكون من هنا كهي في : زيد أفضل من عمرو. وقال الزمخشري : يجوز أن يكون بيانا لأولي الأرحام ، أي الأقرباء من هؤلاء ، بعضهم أولى بأن يرث بعضا من الأجانب. انتهى. والظاهر عموم قوله : (إِلى أَوْلِيائِكُمْ) ، فيشمل جميع أقسامه ، من قريب وأجنبي ، مؤمن وكافر ، يحسن إليه ويصله في حياته ، ويوصي له عند الموت ، قاله قتادة والحسن وعطاء وابن الحنفية. وقال مجاهد ، وابن زيد ، والرماني وغيره : (إِلى أَوْلِيائِكُمْ) ، مخصوص بالمؤمنين.
وسياق ما تقدم في المؤمنين يعضد هذا ، لكن ولاية النسب لا تدفع في الكافر ، إنما تدفع في أن تلقي إليه بالمودة ، كولي الإسلام. وهذا الاستثناء في قوله : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا) هو مما يفهم من الكلام ، أي : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) في النفع بميراث وغيره. وعدى بإلى ، لأن المعنى : إلا أن توصلوا إلى أوليائكم ، كان ذلك إشارة إلى ما في
__________________
(١) سورة الحجرات : ٤٩ / ١٠.