بعدها. انتهى ، وهذا غاية في التحميل كعادته. وقرأ عاصم ونافع : بفتح القاف ، وهي لغة العرب ؛ يقولون : قررت بالمكان ، بكسر الراء وبفتح القاف ، حكاه أبو عبيد والزجاج وغيرهما ، وأنكرها قوم ، منهم المازني ، وقالوا : بكسر الراء ، من قرت العين ، وبفتحها من القرار. وقرأ ابن أبي عبلة : واقررن ، بألف الوصل وكسر الراء الأولى. وتقدم لنا الكلام على قررت ، وأنه بالفتح والكسر من القرار ومن القرة. أمرهن تعالى بملازمة بيوتهن ، ونهاهن عن التبرج ، وأعلم تعالى أنه فعل الجاهلية الأولى ، وكانت عائشة إذا قرأت هذه الآية بكت حتى تبل خمارها ، تتذكر خروجها أيام الجمل تطلب بدم عثمان. وقيل لسودة : لم لا تحجين وتعتمرين كما يفعل إخوانك؟ فقالت : قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي ، فما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها.
(وَلا تَبَرَّجْنَ) ، قال مجاهد وقتادة : التبرج : التبختر والتغنج والتكسر. وقال مقاتل : تلقي الخمار على وجهها ولا تشده. وقال المبرد : تبدي من محاسنها ما يجب عليها ستره. و (الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : يدل على أن ثم جاهلية متقدمة وأخرى متأخرة. فقيل : هما ابنان لآدم ، سكن أحدهما الجبل ، فذكور أولاده صباح وإناثهم قباح ؛ والآخر السهل ، وأولاده على عكس ذلك. فسوى لهم إبليس عيدا يجتمع جميعهم فيه ، فمال ذكور الجبل إلى إناث السهل وبالعكس ، فكثرت الفاحشة ، فهو تبرج الجاهلية الأولى. وقال عكرمة والحكم بن عيينة : ما بين آدم ونوح ، وهي ثمانمائة سنة ، كان الرجال صباحا والنساء قباحا ، فكانت المرأة تدعو الرجل إلى نفسها. وقال ابن عباس أيضا : الجاهلية الأولى ما بين إدريس ونوح ، كانت ألف سنة ، تجمع المرأة بين زوج وعشيق. وقال الكلبي وغيره : ما بين نوح وإبراهيم. قال مقاتل : زمن نمروذ ، بغايا يلبسن أرق الدروع ويمشين في الطرق. وقال الزمخشري : والجاهلية الأولى هي القديمة التي يقال لها الجاهلية الجهلاء ، وهي الزمان الذي ولد فيه إبراهيم. كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ ، فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال. وقال أبو العالية : زمن داود وسليمان ، كان للمرأة قميص من الدر غير مخيط الجانبين ، يظهر منه الأكعاب والسوأتان. وقال المبرد : كانت المرأة تجمع بين زوجها وحلمها ، للزوج نصفها الأسفل ، وللحلم نصفها ، يتمتع به في التقبيل والترشف. وقيل : ما بين موسى وعيسى. وقال الشعبي : ما بين عيسى ومحمد ، عليهما الصلاة والسلام. وقال مقاتل : الأولى زمن إبراهيم ، والثانية زمن محمد ، عليه الصلاة والسلام ، قبل أن يبعث. وقال الزجاج : الأشبه قول الشعبي ، لأنهم هم الجاهلية المعروفون ، كانوا يتخذون البغايا.