قال داود. وقال عطاء وجماعة : تمضي في عدتها عن طلاقها الأول ، وهو أحد قولي الشافعي. وقال مالك : لا تبنى على العدة من الطلاق الأول ، وتستأنف العدة من يوم طلقها الطلاق الثاني ، وهو قول فقهاء جمهور الأمصار. والظاهر أيضا أنها لو كانت بائنا غير مبتوتة ، فتزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول ، كالرجعية في قول داود ، ليس عليها عدة ، لا بقية عدة الطلاق الأول ولا استئناف عدة الثاني ، ولها نصف المهر. وقال الحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وابن شهاب ، ومالك ، والشافعي ، وعثمان البتي ، وزفر : لها نصف الصداق ، وتتم بقية العدة الأولى. وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وأبو يونس : لها مهر كامل للنكاح الثاني ، وعدة مستقبلة ، جعلوها في حكم المدخول بها ، لاعتدادها من مائة.
وقرأ الجمهور : (تَعْتَدُّونَها) ، بتشديد الدال : افتعل من العد ، أي تستوفون عددها ، من قولك : عد الدراهم فاعتدها ، أي استوفى عددها ؛ نحو قولك : كلته واكتاله ، وزنته فاتزنته. وعن ابن كثير وغيره من أهل مكة : بتخفيف الدال ، ونقلها عن ابن كثير ابن خالويه وأبو الفضل الرازي. وقال ابن عطية : وروي عن أبي برزة ، عن ابن كثير : بتخفيف الدال من العدوان ، كأنه قال : فما لكم عدة تلزمونها عدوانا وظلما لهنّ ، والقراءة الأولى أشهر عن ابن كثير ، وتخفيف الدال وهم من أبي برزة. انتهى. وليس بوهم ، إذ قد نقلها عن ابن كثير ابن خالويه وأبو الفضل الرازي في (كتاب اللوامح في شواذ القراءات) ، ونقلها الرازي المذكور عن أهل مكة وقال : هو من الاعتداد لا محالة ، لكنهم كرهوا التضعيف فخففوه. فإن جعلت من الاعتداء الذي هو الظلم ضعف ، لأن الاعتداء يتعدى بعلى. انتهى. وإذا كان يتعدى بعلى ، فيجوز أن لا يحذف على ، ويصل الفعل إلى الضمير ، نحو قوله :
تحن فتبدى ما بها من صبابة |
|
وأخفى الذي لو لا الأسى لقضاني |
أي : لقضى علي. وقال الزمخشري : وقرئ : تعتدونها مخففا ، أي تعتدون فيها ، كقوله : ويوما شهدناه. والمراد بالاعتداء ما في قوله : ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا. انتهى. ويعني أنه اتصل بالفعل لما حذف حرف الجر وصل الفعل إلى ضمير العدة ، كقوله :
ويوما شهدناه سليما وعامرا
أي : شهدنا فيه. وأما على تقدير على ، فالمعنى : تعتدون عليهنّ فيها. وقرأ الحسن :