روي من حديث عيينة بن حصن أنه قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين دخل عليه بغير استئذان ، وعنده عائشة. من هذه الحميراء؟ فقال : «عائشة» ، فقال عيينة : يا رسول الله ، إن شئت نزلت لك عن سيدة نساء العرب جمالا ونسبا ، فليس بتبديل ، ولا أراد ذلك ، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية. ومن في (مِنْ أَزْواجٍ) زائدة لتأكيد النفي ، وفائدته استغراق جنس الأزواج بالتحريم. وقيل : الآية منسوخة ، واختلف في الناسخ فقيل : بالسنة. قالت عائشة : ما مات حتى حل له النساء. وروي ذلك عن أم سلمة ، وهو قول علي وابن عباس والضحاك ، وقيل بالقرآن ، وهو قوله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) الآية. قال هبة الله الضرير : في الناسخ والمنسوخ له ، وقال : ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا. قال ابن عطية : وكلامه يضعف من جهات. انتهى. وقيل : قوله (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) الآية ، فترتيب النزول ليس على ترتيب كتابة المصحف. وقد روي عن ابن عباس القولان : إنها محكمة ، وإنها منسوخة.
(وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) ، قيل : منهن أسماء بنت عميس الخثعمية ، امرأة جعفر بن أبي طالب. والجملة ، قال الزمخشري ، في موضع الحال من الفاعل ، وهو الضمير في (تَبَدَّلَ) ، لا من المفعول الذي هو (مِنْ أَزْواجٍ) ، لأنه موغل في التنكير ، وتقديره : مفروضا إعجابك لهن ؛ وتقدم لنا في مثل هذا التركيب أنه معطوف على حال محذوفة ، أي (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) على كل حال ، ولو في هذه الحال التي تقتضي التبدل ، وهي حالة الإعجاب بالحسن. قال ابن عطية : وفي هذا اللفظ (أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) ، دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها. انتهى. وقد جاء ذلك في السنة من حديث المغيرة بن شعبة ، وحديث محمد بن مسلمة.
(إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) : أي فإنه يحل لك. وأما إن كانت موصولة واقعة على الجنس ، فهو استثناء من الجنس ، يختار فيه الرفع على البدل من النساء. ويجوز النصب على الاستثناء ، وإن كانت مصدرية ، ففي موضع نصب ، لأنه استثناء من غير جنس الأول ، قاله ابن عطية ، وليس بجيد ، لأنه قال : والتقدير : إلا ملك اليمين ، وملك بمعنى : مملوك ، فإذا كان بمعنى مملوك صار من جملة النساء لأنه لم يرد حقيقة المصدر ، فيكون الرفع هو أرجح ، ولأنه قال : وهو في موضع نصب ، ولا يتحتم أن يكون في موضع نصب. ولو فرضنا أنه من غير الجنس حقيقة ، بل الحجاز تنصب وتميم تبدل ، لأنه مستثنى ، يمكن توجه العامل عليه ، وإنما يكون النصب متحتما حيث كان المستثنى لا يمكن توجه العامل