إذا علمت أن ذلك التفويض من عند الله ، فحالة كل منهن كحالة الأخرى في ذلك.
وقرأ الجمهور : (أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) : مبنيا للفاعل من قرت العين ؛ وابن محيصن : يقر من أقر أعينهن بالنصب ، وفاعل تقر ضمير الخطاب ، أي أنت. وقرئ : تقر مبنيا للمفعول ، وأعينهن بالرفع. وقرأ الجمهور : (كُلُّهُنَ) بالرفع ، تأكيدا لنون (يَرْضَيْنَ) ؛ وأبو إياس حوبة بن عائد : بالنصب تأكيدا لضمير النصب في (آتَيْتَهُنَ). (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) : عام. قال ابن عطية : والإشارة به هاهنا إلى ما في قلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من محبة شخص دون شخص ، ويدخل في المعنى المؤمنون. وقال الزمخشري ، وعبيدة : من لم يرض منهن بما يريد الله من ذلك ، وفوض إلى مشيئة رسوله ، وبعث على تواطؤ قلوبهن ، والتصافي بينهن ، والتوافق على طلب رضا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما فيه طيب نفسه. انتهى. (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بما انطوت عليه القلوب ، (حَلِيماً) : يصفح عما يغلب على القلب من المسئول ، إذ هي مما لا يملك غالبا. واتفقت الروايات على أنه عليه الصلاة والسلام ، كان يعدل بينهن في القسمة حتى مات ، ولم يستعمل شيئا مما أبيح له ، ضبطا لنفسه وأخذا بالفضل ، غير ما جرى لسودة مما ذكرناه.
(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) : الظاهر أنها محكمة ، وهو قول أبيّ بن كعب وجماعة ، منهم الحسن وابن سيرين ، واختاره الطبري. ومن بعد المحذوف منه مختلف فيه ، فقال أبيّ ، وعكرمة ، والضحاك : ومن بعد اللواتي أحللنا لك في قوله : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ). فعلى هذا المعنى ، لا تحل لك النساء من بعد النساء اللاتي نص عليهن أنهن يحللن لك من الأصناف الأربعة : لا أعرابية ، ولا عربية ، ولا كتابية ، ولا أمة بنكاح. وقال ابن عباس ، وقتادة : من بعد ، لأن التسع نصاب رسول الله من الأزواج ، كما أن الأربع نصاب أمته منهن. قال : لما خيرن فاخترن الله ورسوله ، جازاهن الله أن حظر عليه النساء غيرهن وتبديلهن ، ونسخ بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء. وقال مجاهد ، وابن جبير : وروي عن عكرمة : من بعد ، أي من بعد إباحة النساء على العموم ، ولا تحل لك النساء غير المسلمات من يهودية ولا نصرانية. وكذلك : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) : أي بالمسلمات من أزواج يهوديات ونصرانيات. وقيل : في قوله (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ) ، هو من البدل الذي كان في الجاهلية. كان يقول الرجل : بادلني بامرأتك وأبادلك بامرأتي ، فينزل كل واحد منهما عن امرأته للآخر. قال معناه ابن زيد ، وأنه كان في الجاهلية ، وأنكر هذا القول الطبري وغيره في معنى الآية ، وما فعلت العرب قط هذا. وما