ما استفهام في موضع رفع بالابتداء ، أي : وأي شيء يدريك بها؟ ومعناه النفي ، أي ما يدريك بها أحد. (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) : بين قرب الساعة ، وفي ذلك تسلية للممتحن ، وتهديد للمستعجل. وانتصب قريبا على الظرف ، أي في زمان قريب ، إذ استعماله ظرفا كثير ، ويستعمل أيضا غير ظرف ، تقول : إن قريبا منك زيد ، فجاز أن يكون التقدير شيئا قريبا ، أو تكون الساعة بمعنى الوقت ، فذكر قريبا على المعنى. أو يكون التقدير : لعل قيام الساعة ، فلوحظ الساعة في تكون فأنث ، ولوحظ المضاف المحذوف وهو قيام في قريبا فذكر.
(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) : يجوز أن ينتصب يوم بقوله : (لا يَجِدُونَ) ، ويكون يقولون استئناف إخبار عنهم ، أو تم الكلام عند قولهم : (وَلا نَصِيراً). وينتصب يوم بقوله : (يَقُولُونَ) ، أو بمحذوف ، أي اذكر ويقولون حال. وقرأ الجمهور : تقلب مبنيا للمفعول ؛ والحسن ، وعيسى ، وأبو جعفر الرواسي : بفتح التاء ، أي تتقلب ؛ وحكاها ابن عطية عن أبي حيوة. وقال ابن خالويه عن أبي حيوة : نقلب بالنون ، وجوههم بالنصب. وحكاها ابن عطية عن أبي حيوة أيضا وخارجة. زاد صاحب اللوامح أنها قراءة عيسى البصري. وقرأ عيسى الكوفي كذلك ، إلا أن بدل النون تاء ، وفاعل تقلب ضمير يعود على (سَعِيراً) ، وعلى جهنم أسند إليهما اتساعا. وقراءة ابن أبي عبلة : تتقلب بتاءين ، وتقليب الوجوه في النار : تحركها في الجهات ، أو تغيرها عن هيئاتها ، أو إلقاؤها في النار منكوسة. والظاهر هو الأول ، والوجه أشرف ما في الإنسان ، فإذا قلب في النار كان تقليب ما سواه أولى. وعبر بالوجه عن الجملة ، وتمنيهم حيث لا ينفع ، وتشكيهم من كبرائهم لا يجدي. وقرأ الجمهور : (سادَتَنا) ، جمعا على وزن فعلات ، أصله سودة ، وهو شاذ في جمع فيعل ، فإن جعلت جمع سائد قرب من القياس. وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وقتادة ، والسلمي ، وابن عامر ، والعامة في الجامع بالبصرة : ساداتنا على الجمع بالألف والتاء ، وهو لا ينقاس ، كسوقات ومواليات بني هاشم وسادتهم ، رؤساء الكفر الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم. قال قتادة : سادتنا : رؤساؤنا. وقال طاوس : أشرافنا ؛ وقال أبو أسامة : أمراؤنا ، وقال الشاعر :
تسلسل قوم سادة ثم زادة |
|
يبدون أهل الجمع يوم المحصب |
ويقال : ضل السبيل ، وضل عن السبيل. فإذا دخلت همزة النقل تعدى لاثنين ؛ وتقدم الكلام على إثبات الألف في الرسولا والسبيلا في قوله : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا).