الحسن : كالعجين ، وكان يعمله من غير نار. وقال السدي : كالطين المبلول والعجين والشمع ، يصرفه كيف شاء من غير نار ولا ضرب مطرقة. وقيل : أعطي قوة يلين بها الحديد. وقال مقاتل : وكان يفرغ من الدرع في بعض يوم أو في بعض ليلة ثمنها ألف درهم ، وكان داود يتنكر فيسأل الناس عن حاله ، فعرض له ملك في صورة إنسان فسأله ، فقال : نعم العبد لو لا خلة فيه ، فقال : وما هي؟ فقال : يرتزق من بيت المال ، ولو أكل من عمل يده تمت فضائله ، فدعا الله أن يعلمه صنعة ويسهلها عليه ، فعلمه صنعة الدروع وألان له الحديد فأثرى ، وكان ينفق ثلث المال في مصالح المسلمين. وأن في (أَنِ اعْمَلْ) مصدرية ، وهي على إسقاط حرف الجر ، أي ألناه لعمل (سابِغاتٍ). وأجاز الحوفي وغيره أن تكون مفسرة ، ولا يصح ، لأن من شرطها أن يتقدمها معنى القول ، وأن ليس فيه معنى القول. وقدر بعضهم قبلها فعلا محذوفا حتى يصح أن تكون مفسرة ، وتقديره : وأمرناه أن اعمل ، أي اعمل ، ولا ضرورة تدعو إلى هذا المحذوف. وقرىء : صابغات ، بالصاد بدلا من السين ، وتقدم أنها لغة في قوله : وأسبغ عليكم نعمه. (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) ، قال ابن زيد : هو في قدر الحلقة ، أي لا تعملها صغيرة فتضعف ، فلا يقوى الدرع على الدفاع ، ولا كبيرة فينال لابسها من خلالها. وقال ابن عباس : هو في المسمار ، لا يرق فينكسر ، ولا يغلظ فيفصم ، بالفاء وبالقاف. وقال قتادة : إن الدروع كانت قبل صفائح كانت ثقالا ، وهو أول من صنع الدرع حلقا. والظاهر أن الأمر في قوله : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ) لآل داود ، وإن لم يجر لهم ذكر. ويجوز أن يكون أمرا لداود شرفه الله بأن خاطبه خطاب الجمع.
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) ، قال الحسن : عقر سليمان الخيل على ما فوتته من صلاة العصر ، فأبدله الله خيرا منها ، وأسرع الريح تجري بأمره. وقرأ الجمهور : الريح بالنصب ، أي ولسليمان سخرنا الريح ؛ وأبو بكر : بالرفع على الابتداء ، والخبر في المجرور ، ويكون الريح على حذف مضاف ، أي تسخير الريح ، أو على إضمار الخبر ، أي الريح مسخرة. وقرأ الحسن ، وأبو حيوة ، وخالد بن الياس : الرياح ، بالرفع جمعا. وقال قتادة : كانت تقطع في الغدو إلى قرب الزوال مسيرة شهر ، وفي الرواح من بعد الزوال إلى الغروب مسيرة شهر. وقال الحسن : فخرج من مستقره بالشام يريد تدمر التي بنتها الجن بالصفاح والعمد ، فيقيل في إصطخر ويروح منها فيبيت في كابل من أرض خراسان. والغدو ليس الشهر هو على حذف مضاف ، أي جري غدوها ، أي جريها في الغدو مسيرة شهر ، وجري رواحها ، أي جريها في الرواح مسيرة شهر. وأخبر هنا في الغدو عن الرواح بالزمان وهو شهر ، ويعني