شهرا واحدا كاملا ، ونصب شهر جائز ، ولكنه لم يقرأ به فيما أعلم. وقرأ ابن أبي عبلة : غدوتها وروحتها على وزن فعلة ، وهي المرة الواحدة من غدا وراح. وقال وهب : كان مستقر سليمان ، عليهالسلام ، بتدمر ، وكانت الجن قد بنتها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأشقر ، وفيه يقول النابغة :
ألا سليمان قد قال الإله له |
|
قم في البرية فاصددها عن العبد |
وجيش الجن إني قد أذنت لهم |
|
يبنون تدمر بالصفاح والعمد |
ووجدت أبياتا منقورة في صخرة بأرض يشكر شاهدة لبعض أصحاب سليمان ، عليهالسلام ، وهي :
ونحن ولا حول سوى حول ربنا |
|
نروح من الأوطان من أرض تدمر |
إذا نحن رحنا كان ريث رواحنا |
|
مسيرة شهر والغدو لآخر |
أناس أعز الله طوعا نفوسهم |
|
بنصر ابن داود النبي المطهر |
لهم في معاني الدين فضل ورفعة |
|
وإن نسبوا يوما فمن خير معشر |
وإن ركبوا الريح المطيعة أسرعت |
|
مبادرة عن يسرها لم تقصر |
تظلهم طير صفوف عليهم |
|
متى رفرفت من فوقهم لم تنشر |
انتهى ما حكى وهب. (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) : الظاهر أنه جعله له في معدنه عينا تسيل كعيون الماء ، دلالة على نبوته. قال قتادة : يستعملها فيما يريد. وعن ابن عباس ومجاهد والسدي : أجريت له ثلاثة أيام بلياليهن ، وكانت بأرض اليمن. قال مجاهد : سالت من صنعاء ، ولم يذب النحاس فيما روي لأحد قبله ، وكان لا يذوب. وقالت فرقة : المعنى أذبنا له النحاس على نحو ما كان الحديد يلين لداود ، عليهالسلام. قالوا : وكانت الأعمال تتأتى منه ، وهو بارد دون نار ، وعين بمعنى الذات. وقالوا : لم يكن أولا ذاب لأحد قبله. وقال الزمخشري : أراد بها معدن النحاس نبعا له ، كما ألان الحديد لداود ، فنبع كما ينبع الماء من العين ، فلذلك سماه عين القطر باسم ما آل إليه ، كما قال : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) (١). ويحتمل (مَنْ يَعْمَلُ) أن يكون في موضع نصب ، أي وسخرنا من الجن من يعمل ، وأن يكون في موضع رفع على الابتداء ، وخبره في الجار والمجرور قبله (بِإِذْنِ رَبِّهِ) لقوله : (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا). وقرأ الجمهور : يزغ مضارع زاغ ، أي ومن
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٣٦.