جائزا في العربية وذلك على المصدر أي أطيعوا طاعة انتهى. وقدراه بالنصب زيد بن عليّ واليزيدي وتقدير بعضهم الرفع على إضمار ولتكن (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) ضعيف لأنه لا يحذف الفعل ويبقى الفاعل ، إلّا إذا كان ثم مشعر به نحو (رِجالٌ) بعد (يُسَبِّحُ) مبنيا للمفعول أي يسبحه رجال ، أو يجاب به نفي نحو : بلى زيد لمن قال : ما جاء أحد. أو استفهام نحو قوله :
ألا هل أتى أم الحويرث مرسل |
|
بلى خالد إن لم تعقه العوائق |
أي أتاها خالد. (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي مطلع على سرائركم ففاضحكم. والتفت من الغيبة إلى الخطاب لأنه أبلغ في تبكيتهم.
ولما بكتهم بأن مطلع على سرائرهم تلطف بهم فأمرهم بطاعة الله والرسول وهو أمر عام للمنافقين وغيرهم. (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي فإن تتولوا. (فَإِنَّما عَلَيْهِ) أي على الرسول (ما حُمِّلَ) وهو التبليغ ومكافحة الناس بالرسالة وإعمال الجهد في إنذارهم. (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) وهو السمع والطاعة واتّباع الحق. ثم علق هدايتهم على طاعته فلا يقع إلا بطاعته (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) تقدم الكلام على مثل هذه الجملة في المائدة.
روي أن بعض الصحابة شكا جهد مكافحة العدو وما كانوا فيه من الخوف وأنهم لا يضعون أسلحتهم فنزل (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ). وروي أنه عليه الصلاة والسلام لما قال بعضهم ما أتى علينا يوم نأمن من فيه ونضع السلاح ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تغبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس معه حديدة». قال ابن عباس : وهذا الوعد وعده الله أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم في التوراة والإنجيل. والخطاب في (مِنْكُمْ) للرسول وأتباعه و (مِنْ) للبيان أي الذين هم أنتم وعدهم الله أن ينصر الإسلام على الكفر ويورثهم الأرض ويجعلهم خلفاء. وقوله (فِي الْأَرْضِ) هي البلاد التي تجاورهم وهي جزيرة العرب ، ثم افتتحوا بلاد الشرق والغرب ومزقوا ملك الأكاسرة وملكوا خزائنهم واستولوا على الدنيا. وفي الصحيح : «زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي عنها». قال بعض العلماء : ولذلك اتسع نطاق الإسلام في الشرق والغرب دون اتساعه في الجنوب والشمال. قلت : ولا سيما في عصرنا هذا بإسلام معظم العالم في المشرق كقبائل الترك ، وفي المغرب كبلاد السودان التكرور والحبشة وبلاد الهند.