وقع التقطع بينكم انتهى. ولا يتعين ما قاله في الآية إذ يجوز أن يكون الفاعل ضميرا يعود على شيء قبله وتقدم الكلام في ذلك في موضعه.
(أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا) أي قول الرسول (وَأَطَعْنا) أي أمره. وقرئ (وَيَتَّقْهِ) بالإشباع والاختلاس والإسكان. وقرئ (وَيَتَّقْهِ) بسكون القاف وكسر الهاء من غير إشباع أجرى خبر كان المنفصل مجرى المتصل ، فكما يسكن علم فيقال علم كذلك سكن ويتقه لأنه تقه كعلم وكما قال السالم :
قالت سليمى اشتر لنا سويقا
يريد اشتر لنا (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) في فرائضه (وَرَسُولَهُ) في سننه و (يَخْشَى اللهَ) على ما مضى من ذنوبه (وَيَتَّقْهِ) فيما يستقبل. وعن بعض الملوك أنه سأل عن آية كافية فتليت له هذه.
ولما بلغ المنافقين ما أنزل تعالى فيهم أتوا إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم وأقسموا إلى آخره أي (لَيَخْرُجُنَ) عن ديارهم وأموالهم ونسائهم و (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) بالجهاد (لَيَخْرُجُنَ) إليه وتقدم الكلام في (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) في الأنعام. ونهاهم تعالى عن قسمهم لعلمه تعالى أنه ليس حقا. (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) أي معلومة لا شك فيها ولا يرتاب ، كطاعة الخلص من المؤمنين المطابق باطنهم لظاهرهم ، لا أيمان تقسموا بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها ، أو طاعتكم طاعة معروفة بالقول دون الفعل ، أو طاعة معروفة أمثل وأولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة قاله الزمخشري. وقال ابن عطية : يحتمل معاني.
أحدها : النهي عن القسم الكاذب إذ قد عرف أن طاعتهم دغلة رديئة فكأنه يقول : لا تغالطوا فقد عرف ما أنتم عليه.
والثاني : لا تتكلفوا القسم طاعة معروفة متوسطة على قدر الاستطاعة أمثل وأجدى عليكم ، وفي هذا الوجه إبقاء عليهم.
والثالث : لا تقنعوا بالقسم طاعة تعرف منكم وتظهر عليكم هو المطلوب منكم.
والرابع : لا تقنعوا لأنفسكم بإرضائنا بالقسمة طاعة الله معروفة وجهاد عدوه مهيع لائح انتهى.
و (طاعَةٌ) مبتدأ و (مَعْرُوفَةٌ) صفة والخبر محذوف ، أي أمثل وأولى أو خبر مبتدأ محذوف أي أمرنا أو المطلوب (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ). وقال أبو البقاء : ولو قرئ بالنصب لكان