حر الظهيرة و (حِينَ) معطوف على موضع (مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) سمى كل واحد منها عورة لأن الناس يختل تسترهم وتحفظهم فيها ، والعورة الخلل ومنه أعور الفارس وأعور المكان ، والأعور المختل العين. وقرأ حمزة والكسائي (ثَلاثَ) بالنصب قالوا : بدل من (ثَلاثُ عَوْراتٍ) وقدره الحوفي والزمخشري وأبو البقاء أوقات (ثَلاثُ عَوْراتٍ) وقال ابن عطية : إنما يصح يعنى البدل بتقدير أوقات (عَوْراتٍ) فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقرأ باقي السبعة بالرفع أي هن (ثَلاثُ عَوْراتٍ) وقرأ الأعمش (عَوْراتٍ) بفتح الواو وتقدم أنها لغة هذيل بن مدركة وبني تميم وعلى رفع (ثَلاثَ).
قال الزمخشري : يكون (لَيْسَ عَلَيْكُمْ) الجملة في محل رفع على الوصف والمعنى هن (ثَلاثُ عَوْراتٍ) مخصوصة بالاستئذان ، وإذا نصبت لم يكن له محل وكان كلاما مقررا للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة.
(بَعْدَهُنَ) أي بعد استئذانهم فيهن حذف الفاعل وحرف الجر بفي بعد استئذانهن ثم حذف المصدر وقيل (لَيْسَ) على العبيد والإماء ومن لم يبلغ الحلم في الدخول (عَلَيْكُمْ) بغير استئذان (جُناحٌ) بعد هذه الأوقات الثلاث (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) يمضون ويجيؤون وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره هم (طَوَّافُونَ) أي المماليك والصغار (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي يدخلون عليكم في المنازل غدوة وعشية بغير إذن إلّا في تلك الأوقات. وجوّزوا في (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) أن يكون مبتدأ وخبرا لكن الجر قدروه طائف على بعض وهو كون مخصوص فلا يجوز حذفه. قال الزمخشري : وحذف لأن طوافون يدل عليه وأن يكون مرفوعا بفعل محذوف تقديره يطوف بعضكم. وقال ابن عطية (بَعْضُكُمْ) بدل من قوله (طَوَّافُونَ) ولا يصح لأنه إن أراد بدلا من (طَوَّافُونَ) نفسه فلا يجوز لأنه يصير التقدير هم (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) وهذا معنى لا يصح. وإن جعلته بدلا من الضمير في (طَوَّافُونَ) فلا يصح أيضا إن قدر الضمير ضمير غيبة لتقدير المبتدأ هم لأنه يصير التقدير هم يطوف (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) وهو لا يصح. فإن جعلت التقدير أنتم يطوف (عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) فيدفعه أن قوله (عَلَيْكُمْ) بدل على أنهم هم المطوف عليهم ، وأنتم طوافون ، يدل على أنهم طائفون فتعارضا. وقرأ ابن أبي عبلة طوافين بالنصب على الحال من ضمير (عَلَيْهِمْ). وقال الحسن : إذا بات الرجل خادمه معه فلا استئذان عليه ولا في هذه الأوقات الثلاثة.