في حدوث مشكلة كربلاء ، وذلك لأنه في السنوات الأخيرة وفد إلى بغداد من إيران آلاف الزوار وكان يتراوح عددهم من خمسة إلى عشرة آلاف شخص ، جاءوا إلى بغداد للزيارة ولم يرجعوا إلى إيران ، وأقاموا في كربلاء والقصبات المجاورة لها ، وكان إهمال والي بغداد علي رضا باشا لهذا الأمر سببا في تصرفهم كما يحلو لهم ، ولم تقف إيران صامتة بل كانت توجه وتحرك هؤلاء القادمين الجدد ، وكان السبب في قيام إيران بهذا هو رغبتها في إعادة السيطرة على منطقتي المحمرة وزهاب المتنازع عليهما ، وعزل أحمد باشا متصرف سنجق بابان الذي كان يحرض دائما على الخصومة مع إيران (١).
أظهرت المباحثات التي تمت بين الدولة العثمانية وإيران أن حادثة كربلاء لم تكن هي السبب الرئيسي في التوتر القائم بين الدولتين بل كانت وسيلة لإظهار هذا التوتر ، كما أن المباحثات التي تمت بعد ذلك تركت مسألة كربلاء فيها جانبا ، وتحولت المباحثات إلى مشكلة الحدود العثمانية ـ الإيرانية الممتدة من أرضروم حتى خليج البصرة.
وقد طلبت إيران بحقوقها في منطقتي المحمرة وزهاب (٢) ، واستدلت على دعواها بالمعاهدة التي تمت في عهد السلطان مراد الرابع ، أما الجانب العثماني فقد أخبر إيران بأنه فقد النسخة الأصلية من تلك المعاهدة ، ولكن إيران أكدت بأنها تمتلك نسخة من المعاهدة وأن لها الأحقية في منطقة وان وشط العرب وبعض الأماكن في العراق ، وفي الوقت الذي رفضت فيه الدولة العثمانية هذه الادعاءات شكلا ومضمونا استمرت إيران في المطالبة بها وضمت روسيا إلى جانبها ، وكانت تلك المطالب سببا في قيام الدولة العثمانية بالبدء من جديد في الاستعدادات
__________________
(١) BOA ,HR.SYS ١٩ / ١ ,Lef : ٥ / ٢.
(٢) Dervis Pasa, a. g. e., s. ٦ ـ ٩; Seyahatname ـ i Hudud, s. ٣٢; El ـ Bustani, a. g. e., s. ٠٨٢.