إن هذه الجهود التي زادت سرعتها في عصر نجيب باشا قد تعرضت لفترة من الاضطراب بعد ذلك ، وهذا لأن فعاليات إيران لإظهار ثقلها في المنطقة بعد أحداث كربلاء قد أخرت حدوث الاستقرار مما أدى إلى تأخر التعديلات الإدارية الجديدة ، ولقد استمرّ هذا الوضع في فترات منفصلة حتى قدوم مدحت باشا إلى ولاية بغداد.
لقد تمت أهم الإصلاحات الإدارية في كربلاء في عهد مدحت باشا ، فلقد حول مدحت باشا كربلاء إلى متصرفية وجعل إدارتها وإدارة المنطقة على أسس سليمة وجعلها تخدم الأهالي أفضل مما كانت عليه ، وكانت أهم سياسة لمدحت باشا في المنطقة هي العمل على راحة الشيعة الذين يعتبرون العنصر الأساسي للمنطقة والإيرانيين القادمين إلى المنطقة ، ولذا سعى لمد خطوط السكك الحديد وتفعيل استخدام وسائل النقل البري والنهري ، كما بذل جهودا لمعاملة الرعايا العثمانيين ذوي الأصول الإيرانية مثل المواطنين العثمانيين لينفذوا واجبات المواطنة وليشعروا بالمساواة ، ولهذا نفذ القوانين العثمانية الخاصة بالإصلاحات الضريبية والعقود وأصول الانضمام إلى الجندية دون استثناء ، لقد حقق مدحت باشا نجاحا كبيرا في الوصول إلى الأهدف التي سعى إليها فترة ولايته ، ولم تسر تلك الجهود بشكل صحيح بعده ، فلقد ألغيت متصرفية كربلاء سنة ١٨٧٤ م وأعيد تشكيلها مرة أخرى ، وهذا يظهر أن إدارة كربلاء لها نظام معين وصورة معينة إذا اختل هذا النظام يحدث اضطراب في المنطقة ، وكانت الدولة العثمانية تعرف هذا وتشكل إدارة المنطقة طبقا لهذا.
إن النجف التابع لكربلاء يعد صورة مصغرة من كربلاء ، فما ظهر في كربلاء يظهر في النجف ولو كان هذا متاخرا ، وهذا يعطي انطباعا أن كربلاء أقوى من النجف ، إلا أن النجف صار أقوى من كربلاء بسبب بعض المزايا الخاصة به ، وتنبع قوة النجف من مدارسها وعلمائها ، فقد