فإذا ثبت أنّ عليّا عليهالسلام هو أكمل الأمّة تصديقا ، وجب أن يكون أفضلهم ، ولا سيّما هو أفضل صدّيقي أمم الأنبياء ، والأفضل هو الإمام ، ولكنّ القوم سرقوا هذا الاسم ونحلوه إلى أبي بكر ، فسمّوه صدّيقا!
ولمّا علم الله سبحانه ذلك منهم ، أثبت دليلا واضحا على كذبهم ، وهو ما ألحقه بهذا الوصف من وصف الشهداء.
وهذه السرقة ليست بغريبة منهم ، فإنّهم سرقوا أيضا وصف الفاروق من أمير المؤمنين عليهالسلام إلى عمر ، فقد صرّح بأنّ عليّا هو الفاروق ... الحديث المتقدّم وغيره ، كالذي نقله في « كنز العمّال » (١) ، عن أبي نعيم ، عن أبي ليلى ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فالزموا عليّ بن أبي طالب ، فإنّه الفاروق بين الحقّ والباطل ».
وقال الطبري في « المنتخب من كتاب ذيل المذيّل » ، المطبوع في ذيل تاريخه ، ص ٩ : « قال ابن سعد : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، قال : قال ابن شهاب : بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أوّل من قال لعمر : الفاروق ؛ وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم ، وما بلغنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذكر من ذلك شيئا » (٢).
* * *
__________________
(١) ص ١٥٥ من الجزء السادس [ ١١ / ٦١٢ ح ٣٢٩٦٤ ]. منه قدسسره.
وانظر : معرفة الصحابة ٦ / ٣٠٠٣ ح ٦٩٧٤ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٥٠.
(٢) المنتخب من كتاب ذيل المذيّل : ١١ ؛ وانظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٢٠٥ ، تاريخ المدينة ـ لابن شبّة ـ ٢ / ٦٦٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥٦٢ ، تاريخ دمشق ٤٤ / ٥١ ، مناقب عمر ـ لابن الجوزي ـ : ٣٠ ، أسد الغابة ٣ / ٦٤٨.