ويوم الثنية الذي ذكره البحتري هو اليوم الذي أوقع بابن أبي السّاج (١) ، فانصرف عنه منهزما.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أخبرنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، حدّثنا ـ أبو بكر (٢) ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن المظفّر ، حدّثنا أبو عبيد الله المرزباني ، أخبرنا الصولي ، قال : سمعت أبا محمّد عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي يقول للبحتري وقد اجتمعنا في دار عبد الله ـ يعني : ابن المعتز ـ بالخلد وعنده أبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرّد ، وذلك في سنة ست وسبعين ومائتين ، وقد أنشد البحتري شعرا في معنى قد قال في مثله أبو تمام [فقال له :](٣) أنت أشعر في هذا من أبي تمام فقال : كلا والله ذاك الرئيس الأستاذ ، والله ما أكلت الخبز [إلّا](٤) به ، فقال لهما المبرد : يا أبا الحسن تأبى إلّا شرفا من جميع جوانبك.
قال (٥) : وأخبرنا [ابن](٦) المظفر ، أخبرنا المرزباني ، أخبرني محمّد بن يحيى ، حدّثني الحسين بن علي الكاتب ، قال : قال لي البحتري : أنشدت أبا تمام يوما شيئا من شعري ، فأنشد بيت أوس بن حجر (٧) :
إذا مقرم منا ذرى حد نابه |
|
تخمّط منا ناب آخر مقرم |
وقال : نعيت إليّ نفسي ، فقلت : أعيذك بالله ، فقال : إنّ عمري ليس يطول ، وقد نشأ مثلك لطيئ ، أما علمت أن خالد بن صفوان المنقري رأى شبيب بن شبة (٨) ـ وهو من رهطه ـ يتكلم ، فقال : يا بني ، نعى نفسي إلى إحسانك في كلامك ، لأنا أهل بيت ما نشأ فينا خطيب إلّا مات قبله ، قال : فمات أبو تمام بعد سنة من قوله هذا.
وقال محمّد بن يحيى : حدّثني أبو الغوث قال : قال لي أبي : أنشدت أبا تمّام شعرا لي في بعض بني حميد ، وصلت به إلى مال له خطر ، فقال لي : أحسنت ، أنت أمير الشعر بعدي ، فكان قوله هذا أحبّ إليّ من جميع ما حويته.
__________________
(١) أبو الساج أحد قواد المعتمد.
(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٤٧٧ ـ ٤٧٨.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم و «ز» ، والزيادة عن تاريخ بغداد.
(٤) سقطت من الأصل وم ، واستدركت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.
(٥) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٣ / ٤٧٨.
(٦) سقطت من الأصل وم ، واستدركت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٢٢.
(٨) الأصل وم و «ز» : شيبة ، والمثبت عن تاريخ بغداد.