قال (١) : وأخبرنا ابن المظفّر ، أخبرنا المرزباني ، أخبرني محمّد بن العبّاس قال : أنشد رجل أبا العبّاس ثعلبا قول البحتري (٢) :
وإذا دجت أقلامه ثم انتحت |
|
برقت مصابيح الدجى في كتبه |
باللفظ يقرب فهمه في بعده |
|
منّا ويبعد نيله في قربه |
حكم سحائبها (٣) خلال بنانه |
|
هطالة وقليبها في قلبه |
كالروض مختلفا (٤) بحمرة نوره |
|
وبياض زهرته وخضرة عشبه |
فكأنها والسمع معقود بها |
|
شخص الحبيب بدا لعين محبّه |
فقال أبو العبّاس : لو سمع الأوائل هذا الشعر ما فضلوا عليه شعرا.
أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفّر بن السبط ، أخبرنا أبي أبو سعيد (٥) ، أنشدنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن العجّال الطرسوسي ـ بمدينة السّلام ـ في جامعها ، أنشدنا أبو علي الحسن بن محمّد العبسي البغوي صاحب البحتري قال : سمعت البحتري ينشد قصيدة في المتوكل عروضا لقصيدته التي في المتوكل في البركة ، وهي القصيدة التي يقول فيها :
ميلوا إلى دار من ليلى نحيّيها (٦)
وهذه أيضا عروضها في المتوكل (٧) :
أنافعي عند ليلى فرط حبّيها |
|
ولوعة لي أبديها وأخفيها |
أم لا تقارب ليلى من يقاربها |
|
ولا تداني بوصل من يدانيها |
بيضاء أوقد خدّيها الصبي وسقى |
|
أجفانها من مزاج (٨) الراح ساقيها |
إلى آخر القصيدة ، وكذلك القصيدة الأخرى :
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٤٧٨.
(٢) الأبيات في ديوان البحتري من قصيدة يمدح الحسن بن وهب ٢ / ٢٨٦ ومطلعها :
من سائل لمعذل عن خطبه |
|
أو صافح لمقصر عن ذنبه |
(٣) في تاريخ بغداد : سحابتها ، وفي الديوان : فسائحها.
(٤) في تاريخ بغداد والديوان : مؤتلقا.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : سعد.
(٦) مطلع قصيدة للبحتري قالها يمدح المتوكل ويصف البركة ، ديوانه ١ / ٢٨ وتمام البيت :
ميلوا إلى الدار من ليلى نحييها |
|
نعم ونسألها عن بعض أهليها |
(٧) من قصيدة يمدح المتوكل ، ديوانه ص ٣٧.
(٨) ديوانه : مدام.