أبي معيط لقي بجادا مولى عثمان بن عفّان بالمراض (١) صادرا عن المدينة والوليد قادم ، فسأله عن أمر عثمان فأخبره أنه قد قتل فقال (٢) :
ليت أنّي هلكت قبل حديث |
|
سلّ جسمي وريع منه فؤادي |
يوم لاقيت بالمراض (٣) بجادا |
|
ليت أنّي هلكت قبل بجاد |
قال : وحدّثني الزبير ، حدّثني عمّي مصعب بن عبد الله قال : قدم معاوية الكوفة فلما صعد المنبر قال : أين أبو وهب؟ فقام إليه الوليد ، فقال : أنشدني قولك :
ألا أبلغ معاوية بن صخر |
|
فإنك من أخي ثقة مليم |
قطعنا الدهر كالسّدم (٤) المعنّى |
|
تهدّر في دمشق وما تريم |
يمنّيك الخلافة كلّ ركب |
|
لأنضاء (٥) العراق بهم رسوم (٦) |
فإنّك والكتاب إلى عليّ |
|
كدابغة وقد حلم الأديم |
لك الخيرات فاحملنا عليهم |
|
فإنّ الطالب التّرة الغشوم (٧) |
وقومك بالمدينة قد أنيخوا |
|
فهم صرعى كأنهم هشيم |
فأنشده إياها ، فلما فرغ قال معاوية (٨) :
ومستعجب مما يرى من أناتنا |
|
ولو زبنته (٩) الحرب لم يترمرم |
وخرج الوليد بن عقبة من الكوفة يرتاد منزلا حتى أتى الرقّة فأعجبته ، فنزل على البليخ ، وقال : منك المحشر ، فمات بها.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أخبرنا شجاع بن علي ، أخبرنا أبو عبد الله بن مندة ، أخبرنا علي بن الحسن الحرّاني ، حدّثنا محمود بن محمّد الرافقي (١٠) ، حدّثنا أبو الوليد الرقّي أصبغ بن نافع الأموي ـ من أهل البليخ ـ حدّثني الوليد بن يزيد بن مسلمة قال : لما شهد
__________________
(١) المراض : موضع على طريق الحجاز من ناحية الكوفة.
(٢) الخبر والشعر في الأغاني ٥ / ١٤٩.
(٣) الأغاني : بالبلاط.
(٤) السدم : الفحل الهائج. والفحل الذي يرسل في الإبل فيهدر بينها فإذا ضبعت أخرج عنها استهجانا لنسله.
(٥) أنضاء جمع نضو ، وهو المهزول بعيرا أو ناقة.
(٦) الأصل وم و «ز» : رسيم ، والمثبت عن المختصر.
(٧) الأصل وم : الغشيم ، والمثبت عن «ز».
(٨) البيت لأوس بن حجر ، وهو في ديوانه ص ٢٨ واللسان في مادة : رمم.
(٩) زبنته الحرب : صدمته.
(١٠) الأصل وم : الرافعي ، والمثبت عن «ز».