فاغتنمتها وأردت أن أخدعه كما خدعاه فقلت : يا أمير المؤمنين ، كذبا ، نحن أعلم بالرواية والآثار ، وضروب العلوم منهما وقد نظرنا في هذا ، ونظر الناس فيه قديما ، فوجدناك تملك أربعين سنة في الحال التي وصفا (١) قال : فأطرق الوليد ثم رفع رأسه إليّ فقال : لا ما قال هذان يكسرني ، ولا ما قلت يغرّني (٢) ، والله لأجبينّ هذا المال من حلّه جباية من يعيش الأبد ، ولأصرفنّه في حقّه صرف من يموت في غد.
أنبأنا أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبّار ، أخبرنا محمّد بن علي بن الفتح ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن أخي ميمي ، حدّثنا الحسين بن صفوان ، حدّثنا ابن أبي الدنيا ، حدّثني هارون بن سفيان ، حدّثني المعيطي ، حدّثنا بقية ، حدّثنا عبد الله بن سالم الوحاظي ، حدّثني من حضر الوليد بن يزيد الخليفة وابنه يتغدى معه ، فإذا هو يلوك لقمة يديرها فقال : ويحك ألقها ، فإنها على معدتك أشدّ منها على لسانك.
أخبرنا أبو العزّ السلمي ـ فيما قرأ عليّ إسناده وناولني إيّاه وقال : اروه عنّي ـ أنا محمّد ابن الحسين ، أخبرنا المعافى بن زكريا ، (٣) حدّثنا محمّد بن الحسن (٤) بن دريد ، أخبرنا أبو حاتم [قال : أخبرنا (٥)] العتبي قال :
كان الوليد بن يزيد نظر إلى جارية نصرانية من أهيأ النساء يقال لها سفرى ، فجنّ بها ، وجعل يراسلها وتأبى عليه ، حتى بلغه أنّ عيدا للنصارى قد قرب ، وأنها ستخرج فيه ، وكان في موضع العيد بستان حسن ، وكان النساء يدخلنه ، فصانع الوليد صاحب البستان أن يدخله فينظر إليها ، فتابعه وحضر الوليد ، وقد تقشف وغيّر حليته ، ودخلت سفرى البستان فجعلت تمشي حتى انتهت إليه ، فقالت لصاحب البستان : من هذا؟ فقيل (٦) لها : رجل مصاب ، فجعلت تمازحه وتضاحكه حتى اشتفى من النظر إليها ، ومن حديثها ، فقال لها : ويلك ،
__________________
(١) بالأصل وم : «وصفنا» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : «يعزني» وفي الجليس الصالح : يقرني.
(٣) الخبر بطوله في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٢ / ٣١٦ وما بعدها ، وفي مصارع العشاق ص ٢٦٢ نقلا عن المعافى.
(٤) تحرفت بالأصل وم إلى : الحسين ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك لتقويم السند عن الجليس الصالح.
(٦) الأصل وم : فقال ، والمثبت عن الجليس الصالح.