تدرين من ذلك الرجل؟ قالت : لا ، فقيل لها : الوليد بن يزيد ، وإنّما تقشف حتى ينظر إليك ، فجنّت به (١) بعد ذلك ، وكانت عليه أحرص منه عليها ، فقال الوليد في ذلك :
أضحى فؤادك يا وليد عميدا |
|
صبّا قديما للحسان صيودا |
من حبّ واضحة العوارض طفلة (٢) |
|
برزت لنا نحو الكنيسة عيدا |
ما زلت أرمقها بعيني وامق |
|
حتى بصرت بها تقبّل عودا |
عود الصليب فويح نفسي من رأى |
|
منكم صليبا مثله معبودا |
فسألت ربي أن أكون مكانه |
|
وأكون في لهب الجحيم وقودا |
قال القاضي : لم يبلغ مدرك الشيباني هذا الحد من الخلاعة ، إذ قال في عمرو النصراني :
يا ليتني كنت له صليبا |
|
فكنت منه أبدا قريبا |
أبصر حسنا وأشم طيبا |
|
لا واشيا أخشى ولا رقيبا |
قال : فلما ظهر أمره وعلمه الناس قال :
ألا حبّذا سفرى وإن قيل إنني |
|
كلفت نصرانية تشرب الخمرا |
يهون عليّ (٣) أن تظل نهارنا |
|
إلى الليل لا أولى نصلّي ولا عصرا |
قال القاضي : وللوليد في هذا النحو من الخلاعة والمجون وسخافة الدين ما يطول ذكره ، وقد ناقضناه في أشياء من منظوم شعره المتضمن ركيك ضلاله وكفره ، ما لعله نورده فيما نستقبله من مجالس كتابنا هذا.
قال (٤) : وأخبرنا القاضي أبو الفرج (٥) ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو الفضل الربعي ، حدّثنا إسحاق الموصلي قال : قال محمّد بن منصور الأزدي : حدّثني شيخ من أهل الكوفة حدّثني خمار كان بالحيرة قال :
ما شعرت يوما وقد فتحت حانوتي إذا فوارس ثلاثة متلثمون بعمائم خزّ قد أقبلوا من
__________________
(١) الأصل : «فحنت إليه» والمثبت عن م والجليس الصالح.
(٢) الطفلة : الجارية الرخصة الناعمة.
(٣) في الجليس الصالح : علينا.
(٤) القائل محمّد بن الحسين الزعفراني.
(٥) هو المعافى بن زكريا الجريري ، والخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١.