قال ابن إسحاق : وإنما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقتل عبد الله بن أبي سرح لأنه كان أسلم وكان يكتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فارتد مشركا ، ثم أسلم بعد ، فولاه عمر بن الخطاب بعض أعماله ، ثم ولاه عثمان بعد عمر (١). وعبد الله بن خطل كان مسلما فبعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبعث معه رجلا من الأنصار ، وكان معه مولى له يخدمه ، وكان مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا فيصنع له طعاما فنام واستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ، ثم ارتد مشركا. والحويرث بن نفير كان ممن يؤذي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة ، وكان العباس بن عبد المطلب حمل فاطمة وأم كلثوم ابنتي النبيّ صلىاللهعليهوسلم من مكة يريد بهما المدينة فنخس بهما الحويرث فرمى بهما إلى الأرض ، ومقيس قتل الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ ، ورجع مشركا إلى مكة ، وقدم مقيس على النبيّ صلىاللهعليهوسلم مكة مسلما سنة ست : عام الحديبية ، وطلب دية أخيه ، فأمر له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بدية أخيه ، ثم قتل الذي قتل أخاه ، ورجع إلى مكة مشركا وقال في شعره :
حللت به وتري وأدركت ثورتي |
|
وكنت إلى الأوثان أول راجع |
وكان الذي قتل أخاه هشام بن صبابة رجل من رهط عبادة بن الصامت أصابه خطأ وهو يظن أنه من العدو في غزوة بني المصطلق في شعبان سنة ست (٢)
قال ابن هشام : وبلغني أن أول قتيل وداه النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح : جنيدب بن الأكوع ، قتلته بنو كعب ، فوداه بمائة ناقة (٣) وقال عليهالسلام : «يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل ، فقد كثر القتل إن يقع» (٤) قال ابن حبيب : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أذن لخزاعة أن يضعوا السيوف في بني بكر إلى صلاة العصر. قال ابن هشام : وذلك أن الصلح الذي انعقد بين النبيّ صلىاللهعليهوسلم وبين أهل مكة عام الحديبية وقع فيه من الشرط : أن من أحب أن يدخل في عقد النبيّ صلىاللهعليهوسلم وعهده ـ عليهالسلام ـ دخل ، ومن أحب أن يدخل في عهد أهل مكة دخل. فدخلت خزاعة في عهد النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش ، ثم تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة ، ونقضوا عهدهم فيهم ، وأصابوا فيهم فخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم المدينة على النبيّ صلىاللهعليهوسلم واستنصره ، وكان مما أهاج فتح مكة. قال ابن سلام في تفسيره : وفي قتل خزاعة لمن قتلوه بمكة وذلك خمسون رجلا أنزل الله عزوجل : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) [التّوبة : الآية ١٤]. قال أبو سفيان : يا رسول الله
__________________
(١) ذكره البيهقي في دلائل النبوة (٥ / ٦٢) ، وابن هشام في السيرة (٤ / ٢٣). وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار. قال الحافظ في التقريب : ضعيف.
(٢) رواه البيهقي في دلائل النبوة (٥ / ٦٢) وقال البيهقي : قال ابن اسحاق وذكره. وابن هشام في السيرة (٢ / ٤١٠). وقال : قال ابن اسحاق. وذكره بدون سند.
(٣) ذكره ابن هشام في السيرة (٢ / ٤١٦) باب أول قتيل وداه الرسول صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح.
(٤) ذكره ابن حجر في الفتح (١٢ / ٢٠٦) وفي البداية والنهاية (٤ / ٣٠٥) ـ من حديث ابن إسحاق ولم يذكر له سند.