قال مالك في الكتابين : افتتحت خيبر بقتال يسير وخمّست إلا ما كان منها عنوة أو صلحا وهو يسير فإنه لم يخمّس (١). قلت : العنوة والقتال واحد. قال : إنما أردت الصلح ، وسمعت ابن شهاب يقول : افتتحت خيبر عنوة ، ومنها بقتال وما أدري ما أراد بذلك.
قال مالك : قسمت خيبر ثمانية عشر سهما على ألف وثمانمائة رجل لكل مائة رجل سهم. قال أبو عبيد : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قسم خيبر على ستة وثلاثين سهما جمع كل سهم منها مائة سهم وعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به ، وقسم النصف بين المسلمين وسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما قسم الشق (٢) والنطاة (٣) وما حيز معها وكان مما وقف : الكتيبة والوطحة والسلام. فلما صارت الأموال في يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يكن له من العمال ما يكفون عمل الأرض فدفعها إلى اليهود يعملونها على النصف (٤). وفي الواضحة : الحوائط السبعة التي وقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانت من أموال بني النضير ، وسيأتي ذكرها بعد هذا في الأخماس. وقال عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ : لو لا آخر الناس ما افتتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيبر (٥).
وذكر مالك وأبو عبيد أن بلالا وأصحابه سألوا عمر أن يقسم بينهم ما افتتح بالشام وكان بلال أشدهم ، فدعا عمر عليهم فقال : اللهم اكفنيهم ـ وقال أبو عبيد وفي رواية : (اللهم اكفني بلالا وذويه) ـ فما حال الحول والواحد حي (٦). قال ابن هشام : وكانت خيبر في صفر سنة ست من الهجرة. قال مالك : وكانت في برد شديد فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنا لا نستطيع القتال فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لم؟» فقالوا : البرد والجوع والعري. فقال رسول الله : «اللهم افتح عليهم اليوم أكثرها طعاما وودكا» ففتح عليهم خيبر.
قال ابن هشام : وقسمت خيبر على أهل الحديبية من شهد خيبر ومن غاب عنها ، ولم يغب عنها إلا جابر بن عبد الله فقسم له رسول الله صلىاللهعليهوسلم كسهم من حضرها (٧). قال المفضل : وأطعم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ناسا مشوا بينه وبين أهل فدك في الصلح منهم محيصة بن مسعود ، وأعطاه ثلاثين وسقا من الشعير.
__________________
(١) ذكره ابن القيم في زاد المعاد (٣ / ٣٢٨ و ٣٢٩) بدون سند.
(٢) الشق : بفتح الشين : حصن من حصون خيبر.
(٣) النطاة : ـ قيل حصن بخيبر ـ وقيل عين بها تسقي بعض نخيلها.
(٤) رواه أبو داود (٣٠١٠ و ٣٠١٢) في الخراج. باب ما جاء في حكم أرض خيبر وإسناده حسن. ورواه أبو عبيد في كتاب الأموال (١٤٢) من حديث بشير بن يسار وهو تابعي ثقة وحديثه مرسل.
(٥) رواه أبو عبيد في كتاب الأموال (١٤٨) من كلام عمر رضياللهعنه. وإسناده صحيح.
(٦) رواه أبو عبيد في كتاب الأموال (١٤٧) من حديث عمر رضياللهعنه.
(٧) ذكره ابن هشام في السيرة (٢ / ٣٤٩) باب ذكر مقاسم خيبر وأموالها.