قال مالك ـ رحمهالله ـ : من لقي الله (تعالى) ولم يشرك في دم مسلم لقي الله خفيف الظهر.
ونبدأ بأول أسباب الحكم في القتل : وهو السجن. اختلف أهل الأمصار هل سجن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر رضياللهعنه أحدا أم لا؟ فذكر بعضهم أنه لم يكن لهما سجن ، ولا سجنا أحدا ، وذكر بعضهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سجن في المدينة في تهمة دم. رواه عبد الرزاق والنسائي في مصنفيهما من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
وذكر أبو داود عنه في مصنفه قال : حبس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ناسا من قومي في تهمة بدم (١).
وبهز بن حكيم مجهول عند بعض أهل العلم ، وأدخله البخاري في كتاب الوضوء ، فدل أنه معروف.
وفي غير المصنف عن عبد الرزاق بهذا السند أن النبي صلىاللهعليهوسلم حبس رجلا في تهمة ساعة من نهار ثم خلى عنه (٢).
ووقع في أحكام ابن زياد عن الفقيه أبي صالح أيوب بن سليمان : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سجن رجلا أعتق شركا له في عبد فأوجب عليه استتمام عتقه ، وقال في الحديث : حتى باع غنيمة له (٣).
وفي كتاب ابن شعبان عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن رجلا قتل عبده متعمدا ، فجلده النبيّ صلىاللهعليهوسلم مائة جلدة ، ونفاه سنة ، ولم يقده به ، وأمره أن يعتق رقبة (٤).
وقال ابن شعبان في كتابه : وقد رويت عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه حكم بالضرب والسجن. ومن غير كتاب ابن شعبان.
وثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ أنه كان له سجن ، وأنه سجن الحطيئة على الهجو ، وسجن صبيغا التميمي على سؤاله عن الذاريات والمرسلات والنازعات وشبههن ، وأمر الناس بالتفقه ، وضربه مرة بعد مرة ، ونفاه إلى العراق وقيل : إلى البصرة ، وكتب أن لا يجالسه أحد.
__________________
(١) رواه أبو داود (٣٦٣٠) ، والترمذي (١٤١٧) ، والنسائي (٨ / ٦٧) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضياللهعنه وإسناده حسن.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك (٤ / ١٠٢) وصححه. وقال في التلخيص : إبراهيم بن خثيم متروك ؛ والعقيلي (١ / ٥٣) من حديث أبي هريرة رضياللهعنه. وإسناده ضعيف.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٦ / ٤٨٦) ، وعبد الرزاق في المصنف رقم (١٦٧١٦) ، والبيهقي في السنن (١٠ / ٢٧٦) وهو حديث حسن.
(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٩ / ٢٥٤) ، والدارقطني (٣ / ١٤٣ و ١٤٤) وفي إسناده إسماعيل بن عياش وهو ضعيف.