جارك». فقال الأنصاري : أن كان ابن عمتك ، فتلون وجه النبيّ صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «أسق يا زبير ثم أحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ، ثم أرسل الماء إلى جارك». فاستوفى النبيّ صلىاللهعليهوسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري ، كأنه أشار إليه بأمر لهما فيه سعة. قال الزبير : ما أحسب هذه الآيات نزلت إلا فيّ ذلك : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النّساء : الآية ٦٥] (١). قال ابن شهاب : فقدر الأنصار والناس قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أسق يا زبير ثم أحبس حتى يرجع إلى الجدر» ، وكان ذلك إلى الكعبين.
في الموطأ يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعيد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه ، فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار ، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها (٢)
وفي الدلائل : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فضربتها بيدها عائشة. وفي غير الكتابين : ضربتها بفهر ، وروي أنها جرت مرطها فحولتها فانكسرت القصعة ، فضمها وجعل فيها الطعام وقال : «غارت أمكم» (٣).
وفي كتاب أبي داود وروى حباب بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أبي المتوكل : أن أم سلمة جاءت في يوم عائشة بصحفة فيها طعام فوضعتها بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ـ وهو في بيت عائشة ـ فالتحفت عائشة في كسائها ، ثم أقبلت فضربت القصعة فكسرتها فلقتين ، فجمع النبيّ صلىاللهعليهوسلم الفلقتين وجعل فيها الطعام وقال : «غارت أمكم» ، فأكلوا ثم جاءت عائشة بصحفتها فأكلوا ، ثم بعث بالصحفة المكسورة إلى عائشة وبالصحفة السليمة إلى أم سلمة. وفي البخاري فقال : «كلوا» وحبس الرسول صلىاللهعليهوسلم القصعة حتى أكلوا (٤).
وفي مصنف أبي داود قالت عائشة : ما رأيت أصنع لطعام من صفية صنعت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم طعاما ، فبعثت به فأخذني أفكل (٥) فكسرت الإناء ثم قالت : يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال : «إناء مثل إناء وطعام مثل طعام» (٦).
__________________
(١) رواه البخاري (٢٣٥٩ و ٢٣٦٠) ، ومسلم (٢٣٥٧) ، وأبو داود (٣٦٣٧) من حديث عروة بن الزبير رضياللهعنه.
(٢) رواه مالك في الموطأ (٢٩٠٤) ، والبيهقي (٨ / ٣٤١) ، وأحمد (٥ / ٤٣٥) وهو حديث مرسل صحيح.
(٣) رواه النسائي (٧ / ٧٠ و ٧١) و (٣٩٥٦) ، والطحاوي في مشكل الآثار (٣٣٥٤) من حديث أم سلمة رضياللهعنها. وإسناده صحيح.
(٤) رواه أبو داود (٣٥٦٧) من حديث أنس رضياللهعنه. وليس من حديث أم سلمة رضياللهعنها كما أشار المؤلف. والبخاري (٢٤٨١ و ٥٢٢٥) ، والترمذي (١٣٥٩). من حديث أنس رضياللهعنه.
(٥) أفكل : الرعدة من البرد والخوف.
(٦) رواه أبو داود (٣٥٦٨) ، والنسائي (٨ / ٧١) وإسناده حسن حسنه الحافظ في الفتح (٥ / ٩٠) من حديث عائشة رضياللهعنها.