آخر ، مثل سورة (ق) و (هود) و (يوسف). وأما المدني : فهو ما نزل في مدى عشر سنوات بعد الهجرة ، سواء نزل في المدينة أو في الأسفار والمعارك الحربية أو في مكة عام الفتح ، مثل سورة (البقرة) و (آل عمران).
ويغلب على التشريع المكي إصلاح العقيدة والأخلاق ، والتنديد بالشرك والوثنية ، وإقرار عقيدة التوحيد ، وتصفية آثار الجهل من قتل وزنا ووأد بنات ، والتأدّب بآداب الإسلام وأخلاقه ، مثل العدل ، والوفاء بالعهد ، والإحسان ، والتعاون على البر والتقوى ، وعدم التعاون على الإثم والعدوان ، وفعل الخيرات وترك المنكرات ، وإعمال العقل والفكر ، ونقض أوهام التقليد الأعمى ، وتحرير الإنسان ، والاعتبار بقصص الأنبياء مع أقوامهم. وقد اقتضى ذلك جعل الآيات المكية قصيرة تزخر بالرهبة والزجر والوعيد ، وتبعث على الخشية ، وتشعر بمعنى الجلال.
وأما التشريع المدني فيغلب عليه تقرير الأنظمة والأحكام المفصلة للعبادات ، والمعاملات المدنية والعقوبات ، ومتطلبات الحياة الجديدة في إقامة صرح المجتمع الإسلامي في المدينة ، وتنظيم شؤون السياسة والحكم ، وترسيخ قاعدتي الشورى والعدل في إصدار الأحكام ، وتنظيم العلاقات بين المسلمين وغيرهم في داخل المدينة وخارجها ، وقت السلم والحرب ، بتشريع الجهاد لوجود مسوغاته من إيذاء وعدوان وتشريد وطرد وتهجير ، ثم وضع أنظمة المعاهدات لإقرار الأمن وتوطيد دعائم السلم ، وقد اقتضى ذلك كون الآيات المدنية طويلة هادئة ، ذات أبعاد وغايات دائمة غير وقتية ، تستدعيها عوامل الاستقرار والاطمئنان وبناء الدولة على أمتن الأسس وأقوى الدعائم.
فائدة العلم بأسباب النزول :
إن معرفة أسباب نزول الآيات بحسب الوقائع والمناسبات لها فوائد كثيرة وأهمية بالغة في تفسير القرآن وفهمه على الوجه الصحيح ، لأن أسباب النزول