ليس الأمر أيها اليهود كما زعمتم أو تمنيتم واشتهيتم ، بل أو بلى ستخلدون في نار جهنم بسبب ارتكاب المعاصي التي أحاطت بكم ، كالكفر ، وقتل الأنبياء بغير حق ، وعصيان أوامر الله ، والاسترسال في الأهواء والافتراءات. وقد علمنا أن بلى : لفظ يجاب به بعد كلام منفي سابق ، ومعناه إبطاله وإنكاره. والكسب : جلب النفع ، واستعماله هنا في السيئة من باب التهكم. والسيئة : الفاحشة الموجبة للنار ، والمراد بها هنا : الشرك بالله.
وسبب الخلود في النار : هو ما تضمنه القانون العام لكل الخلائق في شرع الله : أن من اقترف خطيئة غمرت جميع جوانبه من قلبه ولسانه وأعضائه ، وليست له حسنة ، بل جميع أعماله سيئات ، فهو من أهل النار.
وأما من آمن (صدق) بالله ورسله واليوم الآخر ، وعمل صالحا ، فأدى الواجب ، وترك الحرام ، فهو من أهل الجنة. قال ابن عباس : «من آمن بما كفرتم ، وعمل بما تركتم من دينه ، فلهم الجنة ، خالدين فيها» يخبرهم أن الثواب بالخير ، والشر مقيم على أهله أبدا ، لا انقطاع له.
وكل من الجزاءين المذكورين : وعد للمؤمنين ، ووعيد للكافرين ، شبيه بقوله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ ، وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ، وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً. وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء ٤ / ١٢٣ ـ ١٢٤].
لكن من تاب من العصاة توبة نصوحا ، فأقلع عن الذنب ، وندم عليه ، وعزم على ألا يعود لمثله في المستقبل ، تبدل حاله من أهل النار إلى أهل الجنة.
روى الترمذي عن أبي هريرة رضياللهعنه أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن العبد إذا أذنب ذنبا ، نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب ونزع واستغفر ، صقل