الْمَلائِكَةُ ، أَوْ نَرى رَبَّنا) الآية [الفرقان ٢٥ / ٢١] وقوله تعالى : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) [القيامة ٧٥ / ٥٢] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب وعتوهم وعنادهم وسؤالهم ما لا حاجة لهم به ، وإنما هو الكفر والمعاندة ، كما قال من قبلهم من أمم أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وغيرهم ، كما قال تعالى : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ ، فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ ، فَقالُوا : أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) [النساء ٤ / ١٥٣] وقال تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ : يا مُوسى ، لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) [البقرة ٢ / ٥٥].
أما الذين لا يعلمون من المشركين ، لأنه لا كتاب لهم ، ولا هم أتباع نبي يبين لهم ما يليق بالألوهية فقالوا : هلا يكلمنا الله بأنك رسوله حقا ، أو يرسل إلينا ملكا فيخبرنا بذلك ، كما يرسله إليك ، أو تأتينا ببرهان على صدقك في دعواك النبوة ، وليس مرادهم من هذه المطالب إلا الاستكبار والعتو والعناد ، والاستخفاف بالآيات البينات ، والجحود بالقرآن.
ومثل هذه الأسئلة التي يراد منها التعنت ، قد قالها من قبلهم من الأمم الماضية ، كما ذكرنا في الآيات المؤيدة لهذه الآية.
قال أهل الكتاب سابقا مثل قول المشركين ، وقد تماثلت قلوبهم وأرواحهم ، وأشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في العمى والقسوة والعناد والكفر ، والألسنة ترجمان القلوب ، فما في القلب يعبر عنه اللسان. والحق واحد ، ومخالفته هي الضلال وهو واحد ، وإن تعددت طرقه ، واختلفت وجوهه ، وآثاره تتشابه ، حتى كأنهم متواصون به فيما بينهم ، كما قال تعالى : (أَتَواصَوْا بِهِ ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [الذاريات ٥١ / ٥٣].
والله سبحانه بيّن الآيات وأوضح الدلالات على صدق الرسل أحسن بيان