فيميز بعضهم من بعض ، كما قال تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ، فَبِإِذْنِ اللهِ ، وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) [آل عمران ٣ / ١٦٦].
ومن فوائد المداولة : إكرام قوم بالشّهادة ، فيقتلون ، فيكونون شهداء على النّاس بأعمالهم ، وليصيروا مشهودا لهم بالجنّة ، وللشهادة فضل عظيم ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ..) [التوبة ٩ / ١١١] ، وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) إلى قوله : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الصّف ٦١ / ١٠ ـ ١٢]. وفي صحيح البستي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من القرحة».
ودلّ قوله : (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) على أن الإرادة غير الأمر ، كما يقول أهل السّنة ، فإن الله تعالى نهى الكفار عن قتل المؤمنين : حمزة وأصحابه ، وأراد قتلهم ، ونهى آدم عن أكل الشجرة ، وأراده ، فواقعه آدم ، وعكسه أنه أمر إبليس بالسجود ولم يرده ، فامتنع منه ، وأشار تعالى لذلك : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) [التوبة ٩ / ٤٦]. وأمر تعالى الجميع بالجهاد ، ولكنه خلق الكسل والأسباب القاطعة عن المسير ، فقعدوا.
ودلّ قوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) أي المشركين على أنه تعالى وإن حقق نصر الكفار على المؤمنين مرة ، فهو لا يحبّهم ويعاقبهم ، وإن أوقع ألما بالمؤمنين فإنه يحبّهم ويثيبهم.
وتتلخّص نتيجة المداولة بين المؤمنين والكفار في الحروب : أن الله شرع اللقاء ليبتلي المؤمنين ويثيبهم ويخلصهم من ذنوبهم ، ويستأصل الكافرين بالهلاك.