فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع هذه الآيات بتعبير العصر : تقوية الرّوح المعنوية للمؤمنين ، وجعلها عالية سامية لا تتأثر ولا تهتز بأحداث المعارك والقتال. وفي تعبير المفسّرين : هذا تسلية من الله تعالى للمؤمنين.
وهي تذكرهم بسنّة الله الدّائمة في الكون ، وهي ارتباط الأسباب بالمسببات ، مع الإيمان بالقدرة المطلقة لله في إيجاد ما يشاء ، إنها تذكير بهلاك من كذب قبلنا أنبياءهم كعاد وثمود ، والعاقبة أي آخر الأمر للمؤمنين ، فإن انتصر المشركون يوم أحد ، فهذا إمهال واستدراج ، وسيكتب النّصر النهائي للنّبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، وسيهلك أعداؤهم الكافرون.
ثمّ عزّى الله المؤمنين وسلاهم بما نالهم يوم أحد من القتل والجراح ، وحثّهم على قتال عدوّهم ، ونهاهم عن العجز والفشل والقعود عن جهاد الأعداء ، فإن الهزيمة أو المصيبة تذكر بضرورة تصحيح الأخطاء ، وتهيئ لدراسة عميقة لمستقبل الأحداث ، وتخطط لمعارك كثيرة ، يكون الماضي خير درس وعبرة فيها ، وعندئذ تكون العاقبة بالنصر والظفر للمؤمنين إذا أحسنوا الإعداد ، واستفادوا من أخطاء الماضي.
وتحقق وعد الله للمؤمنين بأنهم الأعلون أي الغالبون على الأعداء بعد أحد ، فكان النّصر والظّفر في المعارك المتوالية ، في عهد النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وفي عهد الصحابة من بعده أيضا. وهذا دليل على فضل هذه الأمّة : لأنه خاطبهم بما خاطب به أنبياءه ، فقال لموسى عليهالسلام : (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) [طه ٢٠ / ٦٨] ، وقال لهذه الأمّة : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ).
وتداول الأيام بين الناس في الحرب ، فيكون النّصر مرّة للمؤمنين لنصر الله عزوجل ، ومرّة للكافرين إذا عصى المؤمنون ، إنما هو ليرى المؤمن من المنافق ،