يحضروا مشهدا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليصيبوا من كرامة الشهادة ما نال شهداء بدر ، وهم الذين ألحوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الخروج إلى المشركين ، وكان رأيه في الإقامة بالمدينة. فقال الله لهم : قد كنتم أيها المؤمنون قبل هذا اليوم تتمنون لقاء العدو ، وتحترقون عليه ، وتودون مناجزتهم ومصابرتهم ، فها قد حصل لكم الذي تمنيتموه وطلبتموه ، فدونكم فقاتلوا وصابروا.
فلما كان يوم أحد ولّى جماعة منهم ، فعاتبهم الله على ذلك. روي عن الحسن البصري أنه قال : بلغني أنّ رجالا من أصحاب النّبي صلىاللهعليهوسلم كانوا يقولون : لئن لقينا مع النّبيصلىاللهعليهوسلم لنفعلنّ ولنفعلنّ ، فابتلوا بذلك ، فلا والله ، ما كلّهم صدق ، فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ).
وتمني الموت : معناه تمني الشهادة في سبيل الله. ولقد تمنى الشهادة جماعة لم يشهدوا بدرا ، حتى إذا دارت معركة القتال مع الأعداء في أحد ، وشهدوا أسباب الموت من اشتباك الرّماح ، وظهور الأسنة ، واصطفاف الرجال للقتال ، جبنوا وضعفوا ، وتركوا رسول الله يتلقى السهام ، وهو يدعوهم إلى الوقوف بجانبه ، ويدعوهم إلى عبادة الله ، وصدق اللقاء والثبات.
فمعنى قوله : (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) أي رأيتم الموت ، أي أسبابه ، معاينين مشاهدين له ، حين قتل بين أيديكم من قتل من إخوانكم وأقاربكم ، وشارفتم أن تقتلوا. وهذا توبيخ لهم على تمنيهم الموت ، وعلى ما تسببوا له من خروج رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، بإلحاحهم عليه ، ثم انهزامهم عنه ، وقلة ثباتهم عنده.
ولما انهزم المسلمون يوم أحد ، وقتل من قتل منهم ، نادى الشيطان : ألا إن محمدا قد قتل ، ورجع ابن قميئة إلى المشركين ، فقال لهم : قتلت محمدا ، وإنما كان ضرب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فشجه في رأسه ، فظنّ الكثيرون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد قتل ، فأنزل الله : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الآية ، أي