بالتقصير ، وكان دعاؤهم بالاستغفار مقدما على طلب تثبيت الأقدام في أثناء المعركة ، بقصد جعل طلبهم إلى ربهم عن تزكية نفس وطهارة وخضوع أقرب إلى الاستجابة.
فآتاهم الله ثواب الدنيا بالنصر والظفر على الأعداء والعزة وطيب السمعة ، وحسن ثواب الآخرة بتحصيلهم رضوان الله ورحمته والقرب منه في دار الكرامة ، ونحو ذلك مما أخبر به تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة ٣٢ / ١٧] وأخبر به النبي صلىاللهعليهوسلم : «فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ؛ ولا خطر على قلب بشر».
ثم وصفهم الله بأنهم محسنون أعمالهم على وفق ما يرضي الله ، فهم الذين يقيمون سننه في أرضه ، والله يثيبهم على حسن فعلهم.
وإنما جمع لهم بين الثوابين لأنهم مؤمنون عملوا الصالحات وأرادوا تحقيق سعادتي الدنيا والآخرة ، كشأن المؤمن الصالح : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) [البقرة ٢ / ٢٠١].
وخص ثواب الآخرة بالحسن دلالة على فضله وتقدمه وأنه هو المعتد به عند الله تعالى.
ورتبت أوصافهم بالتوفيق على الطاعة ، ثم إثابتهم عليها ، ثم تسميتهم محسنين لتوجيه العبد إلى أن ذلك كله بعناية الله وفضله ، وتوفيقه وإحسانه.
وفي هذه الآية تربية لأصحاب محمد ولفت نظر إلى أنهم أولى بهذا كله ، وما عليهم إلا الاعتبار بأحوال أولئك الرّبيين ، والصبر على الأعداء كما صبروا ، والاقتداء بأعمالهم الصالحة والقول مثلهم ، فإن دين الله واحد ، وسنته في خلقه واحدة.