لمفردات اللغوية :
(لِنْتَ لَهُمْ) اللين : الرفق والتساهل في المعاملة ، أي سهلت أخلاقك إذ خالفوك. (فَظًّا) سيء الخلق ، شرس الطباع (غَلِيظَ الْقَلْبِ) قاسيا جافيا لا يتأثر قلبه بشيء (لَانْفَضُّوا) تفرقوا من حولك (فَاعْفُ) تجاوز عما أتوه (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ذنبهم لأغفر لهم (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) تعرّف على آرائهم في سياسة الأمة في الحرب والسلم وشؤون الحياة الدنيوية تطييبا لقلوبهم ، وليستن بك ، وكان صلىاللهعليهوسلم كثير المشاورة لهم (فَإِذا عَزَمْتَ) على إمضاء ما تريد بعد المشاورة (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ثق به بعد المشاورة ، والتوكل : الاعتماد على الله في كل أمر.
المناسبة :
المناسبة واضحة ، فالآيات ما تزال تتحدث عن غزوة أحد وآثارها ، فبعد أن عفا الله عما بدر من المسلمين في أحد ، وحذرهم من التأثر بأقوال المنافقين ، أعقبه بعفو القائد المصطفى الذي ساءه هذا الموقف وما أدى إليه من الجراح والآلام ، فقد عاملهم بالرفق واللين والحلم ، وخاطبهم باللطف وحسن المعاشرة ، بل استشارهم في مستقبل الأحداث ومصالح الدنيا ؛ لما عرف عنه من سمو الأخلاق وحكمة القيادة ، فهو رحمة للعالمين ، ووصفه القرآن بقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم ٦٨ / ٤].
التفسير والبيان :
خاطب الله نبيه بعد خطاب المؤمنين ، ممتنا عليه وعليهم فيما ألان به قلبه على أمته المتبعين لأمره التاركين لزجره. فبرحمته تعالى وتوفيقه لك ولهم جعلك الله ليّن المعاملة ، رفيق المعاشرة ، لطيف اللفظ والكلام ، في إرشادهم وقبول عذرهم فيما فرط منهم في غزوة أحد.
وهذا إظهار لسمو القيادة ، وحكمة الرئاسة ، وأخلاق النبوة ، وهي مثل قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم ٦٨ / ٤] وقوله : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ