رَحِيمٌ) [التوبة ٩ / ١٢٨]. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا حلم أحبّ إلى الله تعالى من حلم إمام ورفقه ، ولا جهل أبغض إلى الله من جهل إمام وخرقه».
ولو كنت غليظ الكلام خشنا قاسي القلب جافّ الطبع في معاملتهم ، لتفرقوا من حولك ، وتركوك ، ولكن الله جمعهم عليك ، وألان جانبك لهم ، تأليفا لقلوبهم ، كما قال عبد الله بن عمرو : «إني أرى صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الكتب المتقدمة أنه ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخّاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح» وروى محمد بن إسماعيل الترمذي عن عائشة رضياللهعنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله أمرني بمداراة الناس ، كما أمرني بإقامة الفرائض» (١).
وإذا كنت يا محمد بهذه الأخلاق فاعف عنهم ، وتجاوز عما صدر منهم ، واطلب لهم المغفرة من الله حتى يغفر لهم ، وشاورهم في أمور السياسة العامة ومصالح الأمة في الحرب والسلم ، وكل شؤون المصالح الدنيوية.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعلا يشاور أصحابه في الأمور كلها ، تطييبا لقلوبهم ، وليستن الناس بفعله ، قال الحسن رضياللهعنه : قد علم الله أن ما به إليهم حاجة ، ولكن أراد أن يستنّ به من بعدهم. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم فيما ذكره الماوردي : «ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم» وقال أبو هريرة رضياللهعنه فيما رواه الترمذي : «لم يكن أحد أكثر مشاورة من رسول اللهصلىاللهعليهوسلم».
ـ شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير ، فقالوا : يا رسول الله ، لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك ، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك ، ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا
__________________
(١) حديث غريب.