يعقد شيئا من المحنة ، يظهر فيه وليه ويفضح به عدوه ، فلا يترك الناس على مثل حالتهم يوم أحد ، حتى يميز المؤمن من المنافق ، ويعرف المؤمن الصابر والمنافق الفاجر ، كما قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) [محمد ٤٧ / ٣١].
يقصد به أن يوم أحد كان اختبارا امتحن الله به المؤمنين ، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، وهتك به ستار المنافقين ، فظهرت مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد ، وخيانتهم لله ولرسوله صلىاللهعليهوسلم.
وقد يفكر بعض الناس أن تمييز المؤمن الصادق من المنافق يحدث بالوحي وبأن يطلع الله المؤمنين على الغيب ، فأجاب الله تعالى : لم يكن من شأنه تعالى أن يطلع عامة الناس على الغيب ، وإنما خلق الإنسان وقدر له أن يصل إلى مراده بعمله الكسبي الذي ترشد إليه الفطرة ويهدي إليه الدين وتدل عليه النبوة ، فهو تعالى يختار من رسله من يشاء ، ويطلعه على بعض المغيبات ، كما قال سبحانه : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ، إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) [الجن ٧٢ / ٢٦ ـ ٢٧] ثم يخبر الرسول بعض الناس بنفاق رجل وإخلاص آخر ، فيكون مصدر ذلك الخبر هو اطلاع الله على كفر أناس وإيمانهم ، لا أنه يطلعه على ما في القلوب اطلاع الله.
ثم يترك الناس لتمييز المؤمن منهم والمنافق بواسطة الأسباب الكاشفة عن ذلك.
لذا يجب عليكم الإيمان بالله والرسل ومنهم محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإطاعة الله والرسول واتباعه فيما شرع لكم ، والاعتقاد بأن الرسل لا يخبرون عن شيء إلا بما أخبرهم الله به من الغيوب. وهذا رد على الكافرين ، قال السّدّي : قال الكافرون : إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر ، فنزلت.