وطاعة الله والرسول وزيادة الحسنات ، والإقلال من السيئات ، ولكن الأمر في واقع الناس مفهوم خطأ ، فاستمروا في غيهم وضلالهم وكفرهم ، وتوهموا أن زيادة العمر ورغد العيش وإرجاء العذاب عنهم هو خير لهم ، مع أنه شر مستطير وسبب لزيادة الإثم والذنب ، واستحقاق العذاب الأليم جزاء وفاقا.
لا يحسبن هؤلاء الذين يخوفون المسلمين ويشككونهم في جدوى الإيمان والعمل الصالح أنهم يفعلون خيرا ، فإن الله قادر على إهلاكهم ، ولا يظنون أن ما أصابوه من ظفر يوم أحد كان خيرا لهم ، وإنما كان ذلك سببا في زيادة عقوبتهم. قال ابن مسعود : ما من أحد برّ ولا فاجر إلا والموت خير له ؛ لأنه إن كان برّا فقد قال الله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) [آل عمران ٣ / ١٩٨] وإن كان فاجرا فقد قال الله : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً).
وفي الشدائد والمحن اختبار مدى صدق الإيمان ، فبها يتميز المؤمن والمنافق ، وحينئذ ينكشف حال المنافقين فيحذرهم المسلمون ، ويقدرون مدى ما لديهم من القوة الصحيحة التي يمكن الاعتماد عليها ، بل إن المحنة توضح مدى إيمان المؤمن ، فلا يغتر بالظواهر ، ويقف على حقيقة حاله من ضعف في الاعتقاد ، وفساد في الأخلاق ، ومرض في النفس.
والاطلاع على الغيب مقصور على الأنبياء والرسل ، فهم أهل الكرامة والمرتبة العالية التي تؤهلهم لذلك الاطلاع ، وما على الناس إلا أن يؤمنوا بما جاء به الرسل من أخبار الغيب ، ويتقوا الله حق تقاته بامتثال المأمورات وترك المنهيات والمحظورات. ولا يشتغل الكفار بما لا يعنيهم من تعريفهم بمن يؤمن منهم ومن لا يؤمن ، وعليهم الاشتغال بما يعنيهم وهو الإيمان أي التصديق واليقين لا التشوف إلى اطلاع الغيب ، فإن آمنوا واتقوا لهم الجنة.
ودلت آية (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ..) على ما يأتي :