ويكون المراد : آتوا الصغار الذين لا أب لهم (أَمْوالَهُمْ) إذا بلغوا (الْخَبِيثَ) الحرام (بِالطَّيِّبِ) الحلال ، أي لا تأخذوا بدل الطيب الحلال مالا حراما ، كما تفعلون من أخذ الجيد من مال اليتيم ، وجعل الرديء من مالكم مكانه.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) أي لا تجعلوها مضمومة إليها (إِنَّهُ) أي أكلها (كانَ حُوباً كَبِيراً) إثما وذنبا عظيما.
سبب النزول :
قال مقاتل والكلبي : نزلت في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب المال ، فمنعه عمه ، فترافعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول ، نعوذ بالله من الحوب الكبير ، فدفع إليه ماله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : من يوق شح نفسه ورجع به هكذا ، فإنه يحلّ داره ، يعني جنته ، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ثبت الأجر وبقي الوزر ، فقالوا : يا رسول الله ، قد عرفنا أنه ثبت الأجر ، فكيف بقي الوزر ، وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال : ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده (١).
التفسير والبيان :
موضوع الآية : يأمر الله تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم إذا بلغوا الحلم كاملة موفرة ، وينهى عن أكلها وضمها إلى أموالهم. والخطاب للأوصياء ما دام المال بأيديهم واليتامى عندهم.
وهذا شروع في بيان أحوال التقوى ، وأولها الحفاظ على مال الأيتام الضعفاء ، بعد تذكير الله بصلة الرحم والقرابة.
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ٨١