وأجمع العلماء أيضا على أنه لا حدّ لكثير المهر ، واختلفوا في قليله على ما يأتي بيانه في قوله : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً).
٢ ـ التنازل عن المهر : يجوز للزوجة أن تعطي زوجها مهرها أو جزءا منه ، سواء أكان مقبوضا معينا أم كان في الذمة ، فشمل ذلك الهبة والإبراء. ولكن ينبغي للأزواج الاحتياط فيما أعطت نساؤهم ، حيث بنى الشرط على طيب النفس فقال : (فَإِنْ طِبْنَ) ولم يقل : فإن وهبن ، إعلاما بأن المراعى في ذلك التنازل عن المهر طيبة به نفسها من غير إكراه مادي أو أدبي ، أو سوء معاشرة ، أو خديعة.
ويدلّ عموم قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ) على أن هبة المرأة صداقها لزوجها جائزة ، سواء أكانت بكرا أم ثيّبا. وبه قال جمهور الفقهاء. ومنع مالك من هبة البكر الصداق لزوجها ، وجعل ذلك للولي ، مع أن الملك لها.
واتّفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها ، نفذ ذلك عليها ، ولا رجوع لها فيه.
وإن تنازلت المرأة عن شيء من صداقها بشرط عند عقد النّكاح ألّا يتزوّج عليها ، ثمّ تزوّج عليها ، فلا شيء لها في رواية ابن القاسم عن مالك ؛ لأنها شرطت عليه ما لا يجوز شرطه.
وقال ابن عبد الحكم : إن خالف هذا الشرط ، رجعت عليه بتمام صداق مثلها ؛ لأنه شرط عليه نفسه شرطا وأخذ عنه عوضا ، كان لها واجبا أخذه منه ، فوجب عليه الوفاء ، لقوله عليه الصّلاة والسّلام فيما رواه الحاكم عن أنس وعائشة : المسلمون عند شروطهم».
٣ ـ إباحة أخذ الزّوج المهر : يحلّ للزّوج أخذ ما وهبت زوجته بالشّرط السابق : «طيب النّفس» من غير أن يكون عليه تبعة في الدّنيا والآخرة.