المناسبة :
أمر الله تعالى فيما سبق بإيتاء اليتامى أموالهم وبإعطاء النساء مهورهن ، وهنا شرط للإيتاء شرطين يشملان الأمرين معا وهما : عدم السفه ، والاختبار محافظة على أموالهم.
التفسير والبيان :
ينهى الله تعالى عن تمكين السفهاء المبذرين من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس طريق لتقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها ، ويدل النهي على الحجر على السفهاء إما بسبب الصغر ، وإما بسبب الجنون ، وإما بسبب سوء التصرف لنقص العقل أو الدين ، وإما بسبب الفلس : وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها ، فإذا طلب الغرماء من الحاكم الحجر عليه ، حجر عليه.
واختلف العلماء في تعيين المخاطبين بالآية وفي المراد من السفهاء ، على أقوال أشهرها :
إن المخاطبين بمنع السفهاء أموالهم إما أولياء اليتامى ، والسفهاء : هم اليتامى مطلقا أو المبذرون بالفعل أموالهم ؛ وإما مجموع الأمة ، ويشمل النهي كل سفيه ، قال ابن عباس وابن مسعود رضياللهعنهم : إن الخطاب لكل عاقل من الناس جميعا ، وإن المراد من السفهاء : النساء والصغار. والمقصود النهي عن إيتاء المال لمن لا رشد له من هؤلاء ، فيشمل الصبي والمجنون والمحجور عليه للتبذير.
وتكون إضافة الأموال على الرأي الأول إلى ضمير الأولياء المخاطبين ، مع أنها أموال اليتامى للمبالغة في حملهم على المحافظة عليها ، بتنزيل أموال اليتامى منزلة أموال الأولياء ، لما بين الولي واليتيم من رابطة النسب.