وقال الشافعي : الاختبار لا يقتضي الإذن في التصرف ولا يتوقف عليه ، بل يكون الاختبار بدون التصرف على حسب ما يليق بحال الصبي ، فابن التاجر مثلا يختبر بالبيع والشراء إلى ما قبل إبرام العقد ، وحينئذ يعقد الولي إن أراد. ولو جاز إذن الصبي في التصرف بالفعل لجاز دفع المال إليه وهو صبي ؛ لأن سبب منع ماله عنه يقتضي عدم صحة تصرفه. وأيضا تصرف الصبي في ماله يتوقف على دفعه إليه ، ودفعه إليه متوقف على شرطين : بلوغه ثم رشده.
والرشد عند الشافعي : صلاح الدين والمال. وعند الجمهور : صلاح المال فقط.
ثم نهى الله تعالى الأولياء فقال : ولا تأكلوا أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية مبادرة ومسارعة قبل بلوغهم ، أي مسابقين الكبر في السن التي بها يأخذون أموالهم منكم.
أما من كان محتاجا مضطرا إلى الأكل من مال اليتيم بلا إسراف ولا مبادرة خوف أخذه قبل البلوغ ، مقابل عمله وإشرافه : فإن كان غنيا غير محتاج إلى شيء من مال اليتيم الذي تحت ولايته ، فليعفّ عن الأكل من ماله ، ومن كان فقيرا فليأكل من مال اليتيم بقدر حاجته الضرورية من سد الجوعة ، وستر العورة. ويؤيده ما رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ليس لي مال ، ولي يتيم؟ فقال : «كل من مال يتيمكم غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ، ومن غير أن تقي مالك ـ أو قال ـ تفدي مالك بماله».
واستدل الجصاص (١) بقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) على أن اليتيم إذا صار في حد الكبر ، استحق المال إذا كان عاقلا ، من غير شرط إيناس الرشد ؛ لأنه إنما شرط إيناس الرشد بعد البلوغ. واستدل بالآية
__________________
(١) أحكام القرآن : ٢ / ٦٣ وما بعدها.