والإهمال لذلك. فإذا توسم الخير فلا بأس أن يدفع إليه شيئا من ماله يبيح له التصرف فيه ، فإن نمّاه وحسّن النظر فيه فقد وقع الاختبار ، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه. وإن أساء النظر فيه وجب عليه إمساك ماله عنده. وقال الحسن ومجاهد وغيرهم : اختبروهم في عقولهم وأديانهم وتنمية أموالهم.
٢ ـ إيناس الرشد بعد البلوغ ، والبلوغ يكون بخمسة أشياء : ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء وهي الاحتلام والسن والإنبات ، واثنان يختصان بالنساء ، وهما الحيض والحبل ، فأما الحيض والحبل فلم يختلف العلماء في أنهما بلوغ ، وأن الفرائض والأحكام تجب بهما. واختلفوا في الثلاث :
فأما الإنبات والسن فقال الأوزاعي والشافعي وابن حنبل : خمس عشرة سنة بلوغ لمن لم يحتلم ، بدليل أن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فيما أخرجه مسلم ـ أجاز ابن عمر في الجهاد يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة ، ولم يجزه يوم أحد ؛ لأنه كان ابن أربع عشرة سنة.
وقال مالك وأبو حنيفة وغيرهما : لا يحكم لمن لم يحتلم حتى يبلغ ما لم يبلغه أحد إلا احتلم ، وذلك سبع عشرة سنة ؛ فيكون عليه حينئذ الحد إذا أتى ما يوجب عليه الحد. وفي رواية أخرى عن أبي حنيفة وهي الأشهر : تسع عشرة سنة.
وأما الإنبات فمنهم من قال : يستدل به على البلوغ ، وهو قول أحمد ، وأحد قولي الشافعي ومالك. والقول الآخر : لا بد من اجتماع الإنبات والبلوغ ، قال أبو حنيفة : لا يثبت بالإنبات حكم ، وليس هو ببلوغ ولا دلالة على البلوغ.
٣ ـ الرشد : هو في رأي الحسن البصري وقتادة وغيرهما : صلاح في العقل والدين. وفي رأي ابن عباس والسّدّي والثوري : صلاح في العقل وحفظ المال. وأكثر العلماء على أن الرشد لا يكون إلا بعد البلوغ ، وعلى أنه إن لم يرشد بعد بلوغ الحلم ، وإن شاخ لا يزول الحجر عنه ، وهو مذهب الجمهور.