فقه الحياة أو الأحكام :
نهى الله الأولياء عن إرث النساء كرها ، والمقصود نفي الظلم عنهن وإضرارهنّ. وإبطال لعادة الجاهلية القبيحة بإطلاق حق التصرف بزوجة الميت لأوليائه ، وجعلهم أحق بامرأته ، وهذا مناف للكرامة الإنسانية وإخلال باحترام المرأة وجعلها متاعا يورث ، وإساءة لزوجها السابق.
كذلك نهى الله الأزواج وأولياء الميت عن عضل المرأة أي منعها من الزواج بمن تشاء ، وحبسها والتضييق عليها ، إلا في حال التلبس بفاحشة مبينة كالزنى والنشوز وغيرهما ، بقصد أن يأخذوا بعض ما آتاه الزوج لها من مهر. أما في حال النشوز أو الزنى فيحل للرجل أخذ جميع المال الذي قدم مهرا للمرأة.
ثم أمر الله بمعاشرة المرأة بالمعروف جميع الأزواج والأولياء ، وإن كان المراد في الأغلب الأزواج ، وهو مثل قوله تعالى : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) بأن يوفيها حقها من المهر والنفقة ، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب ، وأن يكون منطلقا في القول ، لا فظّا ولا غليظا ، ولا مظهرا ميلا إلى غيرها. والعشرة : المخالطة والممازجة. والمقصود من هذا الأمر الإلهي بحسن صحبة النساء بعد الزواج توفير مناخ السعادة والهدوء والاستقرار وهناءة العيش ، لكل من الزوجين ، وهذا واجب ديانة على الزوج ، ولا يلزمه في القضاء. وتأثير الواجب ديانة بما يذكر بمراقبة الله وخشيته والعرض عليه في الحساب أوقع في نفس المؤمن من حسبان حساب القضاء.
واستدل المالكية بقوله تعالى : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) على أن المرأة إذا كانت لا يكفيها خادم واحد أن عليه أن يخدمها قدر كفايتها ، كابنة الخليفة والملك وشبههما ممن لا يكفيها خادم واحد ، وأن ذلك هو المعاشرة بالمعروف (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٥ / ٩٧