وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا يلزم إلا خادم واحد ، وذلك يكفيها خدمة نفسها ، وليس في العالم امرأة إلا وخادم واحد يكفيها.
وفي حالة طروء كراهية للزوجة لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نشوز ، يندب للرجل الصبر والاحتمال ، فعسى أن تتبدل الأحوال وتحسن المرأة عشرة زوجها ، ويرزقه الله منها أولادا صالحين.
وبعد أن بيّن الله حكم الفراق الذي سببه المرأة ، وأن للزوج أخذ المال منها حال الزنى أو النشوز مثلا ، أتبعه بذكر الفراق الذي سببه الزوج ، وأنه إذا أراد الطلاق من غير نشوز وسوء عشرة ، فليس له أن يطلب منها مالا.
ودل قوله تعالى : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) على جواز المغالاة في المهور ؛ لأن الله تعالى لا يمثّل إلا بمباح ، والقنطار : المال الكثير الوزن. وقد فهم الناس ذلك من الآية بدليل قصة عمر والمرأة : خطب عمر رضياللهعنه فقال : ألا لا تغالوا في صدقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله ، لكان أولاكم بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية. فقامت إليه امرأة فقالت : يا عمر ، يعطينا الله وتحرمنا! أليس الله سبحانه وتعالى يقول : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً ، فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً).
فقال عمر : أصابت امرأة وأخطأ عمر. وفي رواية : فأطرق عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر! وفي أخرى : امرأة أصابت ورجل أخطأ. وترك الإنكار (١).
وقال قوم : لا تعطي الآية جواز المغالاة بالمهور ؛ لأن التمثيل بالقنطار إنما هو على جهة المبالغة ، كأنه قال : وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد. وهذا كقوله
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٥ / ٩٩