صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد عن ابن عباس : «من بنى لله مسجدا ، ولو كمفحص قطاة لبيضها ، بنى الله له بيتا في الجنة» ومعلوم أنه لا يكون مسجد كمفحص قطاة. وقد ورد في السنة وفعل الصحابة الإقلال من المهور ، قال صلىاللهعليهوسلم لابن أبي حدرد ، وقد جاء يستعينه في مهره ، فسأل عنه ، فقال : مائتين ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحرّة (١) أو جبل».
وأرشد صلىاللهعليهوسلم إلى يسر المهور وعدم التعالي في أحاديث أخرى منها : ما رواه أحمد والحاكم والبيهقي عن عائشة : «إنّ من يمن المرأة تيسير خطبتها ، وتيسير صداقها».
وأجمع العلماء على ألا تحديد في أكثر الصداق ؛ لقوله تعالى : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) واختلفوا في أقله ، وسيأتي عند قوله تعالى : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ).
والصحيح أن قوله تعالى : (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) وقوله في سورة البقرة : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) [٢ / ٢٢٩] محكم غير منسوخ ، لا يتعارض مع جواز أخذ عوض الخلع الذي تبذله المرأة بطواعية ورضا نفس ، وهو المنصوص عليه في قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ..) [البقرة ٢ / ٢٢٩].
قال أبو بكر الجصاص الرازي : ذكر الفراء أن الإفضاء هو الخلوة وإن لم يقع دخول. فإذا كان اسم الإفضاء يقع على الخلوة ، فقد منعت الآية أن يأخذ منها شيئا بعد الخلوة والطلاق ؛ لأن قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ) قد أفاد الفرقة والطلاق. وسميت الخلوة إفضاء لزوال المانع من الوطء والدخول (٢).
__________________
(١) الحرة : أرض ذات حجارة نخرة سوداء.
(٢) أحكام القرآن : ٢ / ١١١