العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا بالناس ينتظرون الصلاة ، فقال : أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ، وأنزلت هذه الآية (لَيْسُوا سَواءً ...) حتى بلغ (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ). وبعبارة أخرى لابن مسعود : نزلت الآية في صلاة العتمة (العشاء) يصليها المسلمون ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها.
المناسبة :
هذه الآيات استمرار في بيان أوصاف أهل الكتاب ، ففي الآيات السابقة صنفهم القرآن صنفين : منهم المؤمنون وكثير منهم الفاسقون ، ثم بين حال الفاسقين ومصيرهم ، وهنا بيّن حال المؤمنين منهم الذين وإن كانوا قلة دخلوا في الإسلام.
التفسير والبيان :
ليس من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب متساوين أو على حد سواء في الفسق والكفر ، بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ، فمنهم فئة قائمة بأمر الله ، مستقيمة على دينه ، مطيعة لشرعه ، متبعة نبي الله ، يتلون القرآن في صلواتهم ليلا ، ويكثرون التهجد.
وهم يؤمنون بالله واليوم الآخر إيمانا حقا صادقا لا شبهة فيه ، ويأمرون غيرهم بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ويبادرون إلى فعل الخيرات بسرعة ، ويعملون الصالحات دون تلكؤ ، وهم موصوفون عند الله بأنهم من الصالحين الذين صلحت أحوالهم ، وحسنت أعمالهم.
وهم من أحبار أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام ، وأسد بن عبيد ، وثعلبة بن سعنة وغيرهم ممن نزلت فيهم هذه الآيات ، ردا على اليهود الذين زعموا أن من آمن منهم شرارهم لا خيارهم ، ولو كان فيهم خير لما آمنوا.