وما يفعلون من الطاعات فلن يحرموا ثوابه ، ولا يضيع عند الله ، بل يجزيهم به أوفر الجزاء ، والله شكور عليم بالمتقين ، أي لا يخفى عليه عمل عامل ، ولا يضيع لديه أجر من أحسن عملا.
فقه الحياة أو الأحكام :
يأبى عدل الله إلا أن يظهر الأخيار ، ويبعد الأشرار ، لذا أكد سبحانه وتعالى في هذه الآيات التنويه بإيمان المؤمنين من أهل الكتاب ، فإنهم آمنوا بالإسلام ، وصدقوا بالقرآن ، ورغبوا في دين الله ورسخوا فيه.
وقاموا بالأعمال الصالحة ، فأصلحوا أنفسهم ، وجاهدوا في إصلاح غيرهم ، وقاوموا دعوة الفساد والانحراف ، فاستحقوا الاتصاف بالصالحين ، والوصف بالصلاح هو غاية المدح والثناء ، بدليل مدح إسماعيل وإدريس وذي الكفل بهذا الوصف ، فقال تعالى : (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا ، إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٨٦] وقال عن سليمان : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل ٢٧ / ١٩].
وهذا هو واجب الإنسان العاقل في هذه الحياة ، فلا قيمة لحياة دون عقيدة صحيحة ، ولا مدنية لإنسان دون العمل الصالح ، ومحاربة ألوان الفساد.
وسيجد العامل الصالح ثمرة عمله ، ويجازى بأوفر الجزاء ، ويشكر عليه ، ولن يجحد ثوابه ، وقد سمى الله في آية أخرى إثابته للمحسنين شكرا في قوله : (فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) [الإسراء ١٧ / ١٩] ، وسمى نفسه شاكرا في قوله : (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) [البقرة ٢ / ١٥٨] ، وعبر تعالى هنا عن عدم الإثابة بالكفر.