(كُلُّ الطَّعامِ) ردّا عليهم. قال أبو روق والكلبي : نزلت حين قال النّبي صلىاللهعليهوسلم : إنه على ملّة إبراهيم ، فقالت اليهود : كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها ، فقال النّبيصلىاللهعليهوسلم : «كان ذلك حلالا لإبراهيم ، فنحن نحلّه» ، فقالت اليهود : كلّ شيء أصبحنا اليوم نحرّمه ، فإنّه كان على نوح وإبراهيم ، حتى انتهى إلينا ، فأنزل الله عزوجل تكذيبا لهم : (كُلُّ الطَّعامِ ..).
الثانية ـ قولهم أيضا : كيف تدّعي أنك على ملّة إبراهيم وأنك أولى الناس به؟ وإبراهيم وإسحاق وذريته من الأنبياء كان يعظمون بيت المقدس ويصلّون إليه ، فلو كنت على منهجهم لعظّمته ، ولما تحوّلت عنه إلى الكعبة ، فنزلت آية : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ ...) للرّد عليهم. قال مجاهد : تفاخر المسلمون واليهود ، فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة ، لأنه مهاجر الأنبياء ، وفي الأرض المقدسة ، وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
التفسير والبيان :
كلّ الطعام بأنواعه الطّيبة المباحة كان حلالا لبني إسرائيل ولإبراهيم من قبله إلا ما حرّم إسرائيل أو شعب إسرائيل على نفسه ، وهو لحوم الإبل وألبانها ، وذلك قبل أن تنزل التوراة على موسى ، والذي حرّم الله تعالى على شعب إسرائيل في التوراة هو بعض الطّيبات عقوبة لهم وتأديبا ، كما قال تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء : ٤ / ١٦٠] ، وقال : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا ، أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ، ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ، وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [الأنعام ٦ / ١٤٦]. والمراد في رأي بعضهم من
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي النيسابوري : ص ٦٥ ـ ٦٦