(إِسْرائِيلَ) هنا ليس يعقوب عليهالسلام الذي ذكرت بعض الرّوايات «أنه لما حصل له عرق النّسا ، فنذر إن شفي لا يأكل الإبل» لأنه كان بينه وبين نزول التوراة زمن طويل ، وإنما المراد شعب إسرائيل كما هو مستعمل عند اليهود ، والمعنى في تحريمهم أشياء على أنفسهم : أنهم كانوا سبب التحريم لارتكابهم الظلم واجتراح السيئات. هذا ما رجحه صاحب (تفسير المنار) (١).
أما الذي سار عليه جمهور المفسرين : فهو أن المراد بإسرائيل يعقوب عليهالسلام ، روى التّرمذي عن ابن عباس : أنّ اليهود قالوا للنّبي صلىاللهعليهوسلم : أخبرنا ، ما حرّم إسرائيل على نفسه؟ قال : «كان يسكن البدو ، فاشتكى عرق النّساء ، فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها ، فلذلك حرّمها» قالوا : صدقت ، وذكر الحديث (٢).
وجاء في رواية الإمام أحمد أن اليهود سألوا النّبي صلىاللهعليهوسلم عن أشياء ، فقالوا : أخبرنا أي الطعام حرّم إسرائيل على نفسه؟ فقال : «أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديدا ، وطال سقمه ، فنذر لله نذرا : لئن شفاه الله من سقمه ليحرّمنّ أحبّ الطّعام والشّراب إليه ، وكان أحبّ الطّعام إليه لحم الإبل ، وأحبّ الشّراب إليه ألبانها».
وخلاصة الجواب : كلّ أنواع المطعومات كانت حلالا لبني إسرائيل إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه قبل نزول التوراة ، وإلا ما حرّمه الله في التّوراة على شعب إسرائيل من مطعومات تأديبا وزجرا لهم بسبب جرائم ومخالفات ارتكبوها ، والنّبي صلىاللهعليهوسلم وأمته لم يرتكبوا هذه السّيئات والمخالفات ، فلا تحرم عليهم هذه الطّيبات ، وإبراهيم لم يكن محرّما عليه شيء من هذا ؛ لأن التّحريم حصل بعد نزول التّوراة ، وكان كلّ طعام حلالا له.
__________________
(١) تفسير المنار : ٤ / ٤
(٢) تفسير القرطبي : ٤ / ١٣٤ ، تفسير الكشاف : ١ / ٣٣٥ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٣٨١